بقلم عمر عربقد تكون هذه هي أسوأ ظروف قد مرَّت على السوريين، فلم يعرف التاريخ أنَّ أهل بلاد الشام قد عانوا من ويلات وظلم الحرب من قبل إلا عند اجتياح البربري هولاكو إلى أراضي المسلمين. فهذه الحرب التي استمرت رحاها لأربع سنوات وهي تتهيأ لعامها الخامس أرهقت جميع السوريين، حيث عانوا منها ما لم يعانوه حتى فترة الانتداب الفرنسي، حربٌ اتسمت أبرز معالمها بالظلم والجور ومحاولة طمس جميع معالم الحياة والثقافة وتغييبها ونشر الجهل ما بين الناس خاصة في الجيل الذي من المفترض أن يقع على عاتقه تخليص بلاده ممَّا هي فيه، ويكون على درجة من الوعي والإدراك، كي يعرف ما الذي يجري من حوله، أطفال سورية حُرموا من أبسط حقوقهم ولاسيما حق الحياة والتعلم والغذاء السليم إلى غيره من الحقوق والواجبات التي يجب أن يتمتع بها أي طفل، فالطفل مثل النبتة الصغيرة كلما اهتممنا بها ورعيناها كبرت وأثمرت وأفادت من حولها، لذلك حاولت مؤسسة قبس للتربية والتعليم دعم الطفل تعليمياً ونفسياً علَّها تخفف ولو بجزء يسير من تبعات هذه الحرب على أطفالنا الذين هم بذار الغد.وفي لقاء مع الأستاذ “أحمد حداد” قمنا بسؤاله عن أهم الأهداف التي تسعى المؤسسة إلى تحقيقها فأجاب قائلاً:”كانت الرؤية في العمل مبنية على عمل نشاطات هدفها إخراج الطفل من عزلته وتفعيل دوره بمجتمعه، فلذلك أدرجنا مادة التنمية البشرية وركزنا فيها على الجانب الاجتماعي للطفل، وتمَّ إعطاؤه قيماً تدعم هذا الجانب(التعاون، الإيثار، الشكر، الوفاء).وتابع قوله: “وفي تطبيقٍ لقيمة الشكر أقيمت حملة ” كم من هِمَّة أحيت أمَّة ” والتي بدورها تهدف إلى تقديم الشكر لكل من كان له بصمة في العملية التعليمية وترسيخ القيمة التربوية لدى الأطفال بتطبيق عملي”.وأشار إلى أنَّه قد حُدِّدت ثلاث مؤسسات لشكرها وهي (مديرية التربية، مجلس المدينة، هيئة علم). شارحاً الفكرة المطروحة وقد كانت على الشكل الآتي:أولا: في حصة الأنشطة الفنية صمَّم الطلاب بطاقاتُ شكرٍ بأيديهم ليقدموها للجهات الثلاث، وقامت مدرَّسة التنمية بشرح مبسط عن الجهود التي يبذلها مجلس المدينة ومديرية التربية وهيئة علم من أجل خدمة الطلاب، كما تمَّ تدريب مجموعة من الأطفال على إلقاء كلمة شكر للجهات الثلاث تُلقى أثناء الزيارة، ويتم بعدها تسليم بطاقة الشكر.وكانت المحطة الأولى هي مديرية التربية، واجتمع الأستاذ محمد المصطفى بالطلاب ودار بينهم حوار راقٍ، فسألهم عن أهدافهم وعن المصاعب التي يواجهونها، ثمَّ توجَّه الطلاب إلى مجلس المدينة، حيث رحَّب المجلس بالطلاب، وتمَّ الاجتماع مع أغلب أعضاء المجلس في غرفة مدير المجلس المهندس “أسامة تلجو” وقد شرح أعضاء المجلس للطلاب عن قيم المجلس وعن الخدمات التي يقدمها.والمحطة الأخيرة كانت في مستودع هيئة علم، حيث توجَّه الطلاب ليشكروا القائمين في هيئة علم التي تطبع كتبهم المدرسية وتوزعها لهم، ولقد شرح الأستاذ “سامر الخالدي” للطلاب عن أهداف هيئة علم والخدمات التي يقدموها، وهذا بالنسبة إلى النشاطات التي تهدف إلى تفعيل دور الطفل في مجتمعه.كما أوضح إلى أنَّه يوجد جانب آخر لا يقل أهمية هو جانب الأنشطة الرياضية لما تحتويه من أدوات تساعد الطفل على إفراغ شحناته السلبية وتعزز حبَّه للمدرسة، فتمَّ الاتفاق مع مدربين مختصين بالرياضة، وتمَّ وضع برنامج نشاطات ومسابقات رياضية، ولقد تمَّ اصطحاب الأطفال إلى أحد الملاعب الرياضية وأجريت لهم مسابقات رياضية.إنَّ الظروف مهما اشتدَّت فإنه من واجب الجميع عدم إهمال شخصية الطفل، وتدارك حالته الصحية والنفسية عن طريق إفراغ الشحنة السلبية لديه، والتي غالباً ما تؤثر على مجرى حياته مستقبلاً وتقيه من شرِّ مرض الخوف والعزلة، وبالتالي تجعله أكثر تأقلماً مع الواقع الذي يعيشه، كما أنَّها ربَّما تشكل لدى البعض منهم حافزاً نحو الرغبة في العيش والتعلم والمواجهة بنفس الوقت.