مرت منذ أيام قليلة ذكرى المولد النبوي الشريف، باختلافاتها المعتادة حول طقوس الاحتفال من عدمه، والتي تصل في بعض الأحيان حدّ التكفير، لأنها بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، والنار مثوى الكافرين …
ولكن بعيداً عن هذه النقاشات التي لن تنتهي. فلست من يهتم لإقامة حفلٍ من عدمه، ولا أريد لقارئي أن يشغل نفسه بهذه الأمور، وإنما أسعى لتوظيف ذاكرتنا العظيمة والمتخمة بألوان الحضارة في سلوكنا المستقبلي على الأقل، إن لم نستطع فعلها الآن .
عندما سئلت السيدة عائشة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، أجابت بأنه “كان خلقه القرأن” ووصفه بعضهم فقال: “كان قرآناً يمشي على الأرض” .
نتفاخر بأننا صرنا نفهم هذه العبارات، فالمعنى أن الرسول عليه الصلاة والسلام، كان يرسخ القرآن تطبيقاً في جميع جوانب حياته، فهو لم يكتفِ بالتعبد فيه، وإنما اتخذه سلوكاً في جميع أحواله، بهذه البساطة تتردد علينا مثل هذه العبارات في كل عام مرات عديدة، لتحضنا على الاقتداء، فنهز رؤوسنا مؤكدين أننا سنفعلها يوماً ما .
تمرّ السنوات، ومازلنا نهز رؤوسنا بنفس الطريقة، دون أن نغير شيئاً في حياتنا، فالدين صار أدياناً، نتقاتل فيما بيننا ليثبت كل واحدٍ منّا أنه على حق، نظلم بعضنا، ونسرق، ونزني، ويتاجر الغني منّا بالفقير، ونحالف أعداء أمتنا على أنفسنا، وبسيوفنا نطعن صدور بعضنا، ثم نلعن الغرب الكافر فهو من أوقع بيننا العداوة والبغضاء، أما القرآن فلازال بعيداً .. قد أثقله غبار سنوات عديدة رسخت فوق رؤوسنا، فلم نعد نفهم منه شيئاً ، وصار كلً منّا يفسر على هواه ما شاء كيف شاء .
ثم يسألك سائل: متى نصحو يا أخي، سأجيبك الأن: عندما تكفّ عن السؤال وتبدأ بالعمل .
المدير العام / أحمد وديع العبسي