بقلم نور العليكلمة بسيطة الحروف، عميقة المعاني، بلسم شافٍ، وأمل منتظر, يقف الإنسان حيالها عاجزا عن تفسير دلالتها والإحاطة بماهيتها، يقول أحب حبا لا يعرف كنهه إلا الله عزّ وجلّ، فإذا سألته: ما معنى كلمة الحب؟ تلعثم وراح يردد قائلا: الحب …الحب، لا أدري؟! الحب: هو أني أحبها بكل ما فيها، وإذا سألتها: ما معنى أن يكون هو حبيب لك؟ ذهلت لهذا السؤال، وأجابت بعد أن سيطرت الحيرة على ذاتها: حبي له هو ذاك الهواء الذي أحيا عليه، وحبه لي هو ذاك الفجر المرتقب.الحب يولد فينا ومعنا من شهقة الحياة الأولى وحتى خروج الروح من الجسد، بالحب نحيا، وعليه نقتات، وفيه تحقيق لذواتنا، وتوّحد لأرواحنا، كيف لا ؟؟!! (وأنا من أهوى ومن أهوى أنا).الحب من أسمى وأرقى المشاعر البشريّة التي جبلت عليها النفس الإنسانيّة، فهو إحساس وشعور نفسيّ ووجدانيّ يلج القلب فيه تجاه الحبيب بحماسة وعاطفة كبيرة.من منا لم يشعر بتأثير هذه الكلمة السحرية؟! من منا لم تحمّر وجنتاه به من كلمة عذبة قالها المحبوب همسا؟!! من منا لم يبك خوفا من فقدان الحبيب ورحيله؟!!أسئلة كثيرة لا يجيب عليها إلا من تذوق حلاوة الحب ومراره، حلاوته في صدق المشاعر وطهرها، ومراره من خوف البعد وجفاء الحبيب.سأل أحدهم رجلا ما حقيقة الحب؟ فأجابه: احضر لي زهرة من الحديقة، فذهب السائل إلى الحديقة، وعندما عاد رجع صفر اليدين، سأله: أين الزهرة؟ فأجاب: رأيت واحدة جميلة، لكني لم أقطفها أملا في العثور على الأجمل، ولما عدت لأخذها لم أجدها، فقال له الرجل: هذه هي حقيقة الحب.لا تدرك قيمته وعظمته حينما يكون بين يديك، لكنك ستعرفه حتما عندما تفقده.الحب حرفان يغيران ما بنا وفينا تغييرا جذريّا وكليّا مثلما غيّر الله الكون بحرفي ” الكاف والنون”.الحب هو اثنان يضحكان إلى الشيء ذاته، ويبكيان عليه، إن حزن بكت هي، وإن ضاقت عليه الأرض بما رحبت توجهتْ إلى خالقها ليرفع البلاء عنه ويزيل الأحزان، وإن مرضتْ سقمَ لأجلها، وإن دمعت عيناها سارعت يداه لمسح الدموع.الحب اثنان أصبحا روحا واحدة، امتزجا وكأنهما كرات ثلج في كوب ماء، هل تستطيع التمييز بينهما ؟؟؟ولكن هل نستطيع إطلاق كلمة حب على كل المشاعر؟ وهل يمكننا إطلاق لقب الحبيب على كل شخص؟حتما لا … فالحب كلمة نبيلة صادقة، و هو بذل وعطاء وتضحية، و روح تتسامى لترتقي، وعليه يكون الحبيب الشريف، النبيل، الصادق، المعطاء.بعض الناس راح ينظر إلى الحب على أنه إثم وجرم، فجورٌ وفسوق, ومضوا ينسبون إليه كل منقصة وجريمة، ملحقين به كل رذيلة,شوهوا مفهوم الحب أيما تشويه، وخلطوا بينه وبين ما يريدون تحقيقه من خلال هذه الكلمة النبيلة الطاهرة البريئة.لمَ نقول إن الحب انحطاط، ولا نقول: إن التربية الأخلاقية تفتقد إلى المقومات الأساسية؟؟لمَ نقول إن الحب منقصة، ولا نقول إن من يدعي الحب ناقص؟؟وعليه فإننا نريد الحب ينبوعا صافيا، عذبا رقراقا، صادقا لا شائبة تشوبه، ولا كدرا يكدره، نريد المحبين عاشقين صادقين، نريد بناتنا كخديجة وأولادنا كمحمد، ليردد كل منهما: وإني رزقت حبها، وإني رزقت حبها.