حازم العلي |
تشير الإحصائيات لعام 2017 أن عدد النساء المقتولات من طرف الشريك الحميم في ألمانيا 189 امرأة، وفي فرنسا 123 وفي بريطانيا 70 امرأة، وغيرها من الدول الأوربية.
وفي عام 2019 في فرنسا وحدها امرأة واحدة تتعرض للاغتصاب كل سبع دقائق و136 امرأة قتلت جراء عنف أزواجهنَّ أو رفاقهنَّ، وفي أمريكا واحدة من بين 6 نساء أمريكيات يتعرضنَ للاغتصاب سنويًا، أي في كل 10 ثواني تُغتصب امرأة
ويولد كل ساعة 20 طفلًا من السفاح.
79% من النساء الأمريكيات المتزوجات يتعرضنَ للضرب حسب منظمة الائتلاف الوطني ضد العنف ومقرها واشنطن، وهذا غيض من فيض يمكننا من تكوين صورة عامة عن تلك المجتمعات التي تعيش من المفترض حالة أمن واستقرار.
أما المجتمع الذي تعبث فيه آلة الحرب منذ تسع سنوات ودمرت فيه كل شيء، وطالت يد الإجرام فيه الحجر والشجر والبشر وحتى الدواب بأبشع صور القهر والظلم يظهر فيه ظلم وجهل وضياع للحقوق بين أصحابه، وهذا أمر يعدُّ طبيعيًا لأنه مجتمع غير مستقر تعمل فيه آلة الحرب.
لذا من الطبيعي أن يكون هذا المجتمع محط نظر واهتمام المنظمات الإنسانية، فهي تحيا في هذه الأماكن وتحاول أن تخفف من آلام وحرمان هذا المجتمع المضطهد.
نعم أنا أتحدث عن بلدي (سورية) ومنها أبث هذه الكلمات ونيابة عنها أكتب وأضرب بها مثلاً وأنقل عنها خبرًا لمن شاء أن يقرأ حقًا ويفهم أمرًا.
لا أحد ينكر أن المرأة في سورية تتعرض للعنف بأنواعه المختلفة ظلمًا وعدوانًا، وذلك ممَّا خلفته الحرب من جهل وقهر وظلم وليس سجية وطبعًا في المجتمع.
ولا ننكر الجهود المبذولة من قبل منظمات تمكين المرأة وحمايتها، فهي بلا شك تساعد في تخفيف معاناتها وتقدم دعمًا لها.
لكن ليس من الطبيعي أن تكون هناك مجتمعات ليس فيها حرب، وتدعي أن فيها مقومات الحضارة والرقي وراعية الحقوق ومشرعة القوانين، ثم تجدها أحوج لجهود تلك المنظمات في حماية المرأة من البلد الذي عملت فيه الحرب وخربته.
والعجب أن هذه المجتمعات تصدر لنا برامجها ومشاريعها لنطبقها ونحمي بها المراة في بلدنا. تظهر المفارقة جلية عندما تعود لأول المقال وتقرأ تلك الإحصائيات المفزعة الخاصة في العنف ضد المرأة في دولهم.
تخيلت أن هذه الحرب وقعت في إحدى هذه الدول، وفكرت بالأرقام المرعبة في الإحصائيات نفسها، وربما ستظهر جرائم لم تكن بالحسبان ليس بحق المراة فقط بل بحق كل إنسان، وتساءلت ماذا وكيف ستعمل تلك المنظمات؟!
ورغم كل المعاناة التي تعرضت لها المرأة في سورية، إلا أنها اتخذت من تلك منها سُلمًا للعزة والكبرياء والمجد، فكانت المرأة الواعية الرشيدة التي لم تضل، والمرأة القوية التي لم تُكسَر، والمرأة العزيزة التي لم تهان، والمرأة الثائرة الحرة التي لم تخف، والمرأة المؤمنة التي لغير الله لا تركع.
لكن لا ينبغي لهذه النظرة الإيجابية أن تحجبنا عن واجبنا الأخلاقي تجاه نساءٍ فقدنَ أزواجهنَّ وأثقلت كاهلهنَّ مسؤولية الحياة في هذا الشتاء البارد، ونساءٍ حرائر في غياهب السجون يعانينَ أبشع أنواع القهر والظلم، ونساءٍ حرمْنَ من حقوقهنَّ ولم يجدنَ متكأ يساندهنَّ، ونساءٍ ابتلينَ بشيء من الزيغ يبحثنَ عن يد حانية وقلب رحيم،
ونساءٍ هنَّ أقرب الناس إلينا وما أحوجهنَّ إلى دعم وحب وإحسان.
فلنستوصِ بهنَّ خيرًا، ونكن لهنَّ عونًا لحياة حرة كريمة وسندًا من كل ظلم وأمنًا من كل خوف.