بقلم رئيس التحريرتعود التوترات والمشاحنات الحادة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية إلى تصدر المشهد بعد أن اشتدَّ أوارها في الأيام الماضية، إذ أقدمت المملكة على إعدام أربع شخصيات شيعية بتهم عديدة، أبرزها الرجل المعارض للنظام السعودي في المنطقة الشرقية نمر باقر النمر، وقد أثار إعدام النمر اهتمام الصحف العربية والغربية، وسارت تظاهرات منددة بقتله في عديد من الدول، وهاجم متظاهرون السفارة السعودية في طهران وأحرقوا القنصلية السعودية في مدينة مشهد. أمَّا الثلاثة وأربعون رجلاً من أبناء السنة الذين أعدموا بعد إدانتهم بـ (إشعال الفتنة الطائفية والخروج على ولي الأمر) وغيرها من التهم فلم ينتبه إليهم أحد كالعادة.قامت السعودية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وأعطت الدبلوماسيين الإيرانيين مهلة 48 ساعة لمغادرة البلاد، وكذلك فعلت البحرين والسودان فقطعت العلاقات، وقامت الإمارات بتخفيض مستوى العلاقات إلى درجة القائم بالأعمال، في خطوات تنبئ أنَّ الأمر قابل للتصاعد والاشتعال في منطقة مشتعلة أصلا بالحروب والصراعات. هذه الإجراءات الاستفزازية المتسرعة التي سارعت المرجعيات السلطانية إلى البحث عن مبرر لها، والتي تأتي في وقت يغرق فيه التحالف العربي في اليمن وتُعقد التحالفات التي تفتقد إلى الاستراتيجية المحكمة الحكيمة، وتشهد المملكة حالة من التوتر والغليان والاحتقان، هذه الإجراءات ستفتح أبواب العمليات الانتقامية على مصراعيها أمام محبي آل شويل ومحبي النمر، وستلقى ردود فعل غاضبة من إيران، وستوحد السنة والشيعة على هدف إسقاط حكم آل سعود. وقد جاءت أولى هذه الردود عن طريق إطلاق نار على دورية للشرطة في القطيف شرق المملكة.لقد عبَّر المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي مستورا عن هذه التخوفات وردود الأفعال الانتقامية المتوقعة بقوله: ” هذه الحادثة ربَّما تتسبب بسلسلة عواقب مشؤومة في المنطقة” ولذلك شدَّ دي مستورا رحاله الثلاثاء 5 كانون الثاني متوجها إلى الرياض للقاء المسؤولين السعوديين، ثمَّ سيتَّجه إلى طهران في نفس الأسبوع ليهدئ الطرفين المتنازعين.لا شكَّ أنَّ هذه التطورات ستؤثر تأثيرا كبيرا على الملف السوري باعتبار أنَّ الدولتين معنيتان بما يجري في سورية، ولذلك فإنَّ عدم هدوء الطرفين سيسبب (وجع راس) لدي مستورا الذي يجب عليه أن يدير المفاوضات بين ممثلين عن النظام السوري والمعارضة اعتبارا من 25 كانون الثاني لإيجاد تسوية للنزاع في سورية.سيعود دي مستورا إلى دمشق يوم السبت 9 كانون الثاني ليلتقي وزير الخارجية السوري وليد المعلم بحسب وكالة فرانس برس، وسيحضّر في هذا اللقاء للحوار السوري-السوري.يبدو أنَّ الأيام القادمة ستكون متعبة بالنسبة إلى المبعوث الأممي، فأمامه تشكيل وفد المعارضة السورية الذي سيتفاوض مع النظام على طاولة واحدة، وأمامه جمع السعوديين والإيرانيين مجددًا على طاولة واحدة، وبإمكانكم أن تتساءلوا أي المهمتين أصعب على السيد دي مستورا؟