مريم إبراهيم |
اكتمل المشروع السكني في بلدة الفوعة الذي قمنا بزيارته سابقًا عندما كان قيد التنفيذ، ليجتمع فيه نسوة جرحهنَّ واحد وأملهنَّ واحد، فأصبحنَ في هذا المجمع السكني عونًا لبعضهنَّ البعض.
السكن الذي أصبح شبه مكتمل، احتوى أشد العائلات المحتاجة من الأرامل، وهنَّ الآن يُعِدنَ تشكيل حياتهنَّ وقت دخلوهنَّ السكن منذ ١٥يومًا.
صحيفة حبر عادت وزارت السكن بعد دخول الأرامل إليه للإقامة، والتقت المهندس المدني المسؤول عنه (سليم قصاص٥٠عامًا) مدير منظمة (كهاتين لرعاية الطفولة) في مدينة إدلب التي تدعم المشروع السكني، يقول قصاص عن المشروع وفكرته: “بعد حركة النزوح الكبيرة والتهجير القسري للأهالي، قمنا بالبحث مطولاً عن أرض لبناء السكن عليها في مدينة إدلب، لكن دون جدوى، وبعد أن وجدنا الأرض المناسبة في بلدة الفوعة، قمنا بتسويتها وتجريفها وبدأنا ببناء وحدات سكنية عليها، تستهدف الفئة الأضعف والأكثر حاجة في المجتمع، ألا وهي الأرامل واليتامى.”
وعند اكتمال المشروع حدثنا قصاص عن التجهيزات بقوله: “بعد أن اكتمل المشروع السكني، قمنا باستقبال الأخوات الأرامل داخله اللواتي تم تسجيلهنَّ مُسبقًا وفق معايير تم تحديدها، وقمنا بتأمين ما نستطيع من تدفئة وماء وإنارة.
اقرأ أيضاً: سكن جديد للأرامل في ريف إدلب
سكن (عائشة بنت أبو بكر الصديق) يحتوي منتفعات خاصة لكل أخت، والآن نحن نسعى لإقامه روضه للأطفال داخل السكن، وقد قمنا بتعيين أخت من الأخوات المقيمات هنا
مديرة للمخيم تقوم بتسوية أحوال الأخوات المقيمات في غيابي عن المشروع.”
وأضاف قصاص: “أيضا قمنا برفع كفالات للأطفال اليتامى لدى جمعيتنا (كهاتين لرعاية الطفولة) التي تستهدف الأطفال اليتامى، وإن شاء الله سيكون لديهم مرتب بحوالي٥٠ دولار شهريًا.”
(أم محمد) من بلدة كفرنبل ٣٠ عامًا من ريف إدلب الجنوبي تقول لصحيفة حبر: “استشهد زوجي منذ أربع سنوات، بقصف طائرات النظام، وبعد موته عشت حياة طبيعية مع أبنائي، في منزلي مع أطفالي، تحملنا الفقر والقصف وكل منغصات الحياة لكن كنا في منازلنا، وبعد اشتداد القصف على البلدة، اضطررنا للنزوح، فقمت بالإقامة في بلدة بنش، وعندما انتهى بناء السكن وتجهيزاته قمت بالدخول إليه، وأعطوني مكانًا لي ولأطفالي فور وصولي، صحيح أنه يوجد ماء ومنافع، ولكنا نفتقر جدًا هنا إلى الكثير من الأمور أهمها الأمان، فنحن حتى الآن دون حارس للسكن.”
أما مديرة المشروع (أم باسل) ٤٤ عامًا من جبل الزاوية تقول: “أعمل على تسوية أمور
الأخوات، ومساعدتهنَّ في ظل الظروف الراهنة، وتم تعييني هنا من قبل المهندس سليم، فأنا من ضمن الأرامل اللواتي دخلنَ السكن للإقامة فيه.”
أما (أم سامر) ٢٧عامًا من بلدة بسقلا ريف إدلب الجنوبي، فهي تضحك عندما ترى طفلها الوحيد (سامر) يلعب مع أطفال من أبناء جيله في السكن الجديد، وتبدو على وجهها علامات الرضا، تقول أم سامر: “استشهد زوجي منذ بداية الأحداث في عام٢٠١١ في معركة (وادي بدمايا) عند تقدم النظام إلى قرى وبلدات جبل الزاوية والريف الجنوبي، ومنذ وفاته وأنا مع أهلي، لكن في ظل هذه الظروف وهذا الغلاء اضطررت للقدوم إلى هنا أنا وطفلي، فوضع أهلي جدًا محرج، وأنا لدي طفل واحد وأريد الحفاظ عليه، أنا مرتاحة
هنا، خصوصًا أني بعد اليوم لن أشعر أني عبء على أحد، وطفلي يلعب ويمرح مع أقرانه وأنا سعيدة بذلك. “
أما المرشدة النفسية (سعاد أحمد ٢٤) تقول: “أشعر بالسعادة أنني سأقوم بمساعدات الأخوات، فكل واحدة منهنَّ لها قصة مؤلمة، وسأقوم برعايتهنَّ بكل ما أستطيع، وهناك بعض الأطفال الذين يعانون من مشاكل نفسية بسب كثرت القصف والنزوح المتكرر سأعمل جاهدة في مساعدتهم، ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية.”
سكنٌ في ظل شتاء قاسٍ، وأيام سوداء تعصف بالناس عامة في إدلب جراء اشتداد القصف وعمليات التهجير، وبالنساء اللواتي فقدن أزواجهنَّ خاصة وسط غياب المُعيل، خفف من وطأة الحرب على النساء الأرامل، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وتدهور الليرة السورية.