بقلم معاذ عقاد{وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}إن إخلاص النية والعمل لله شرط من شروط قبوله، وهو أساس النجاح والفوز في الدنيا والآخرة، فهو للعمل بمنزلة الأساس للبنيان، وبمنزلة الروح للجسد، فكما أنَّ البناء لا يستقر ولا ينتفع به إلا بعد تقوية أساساته وتعاهده بالعناية والرعاية من أن يعتريه الخلل أو يصيبه الأذى فيتهاوى، فكذلك العمل المرهون بالإخلاص، وكما أنَّ حياة البَدن بالروح، فإنَّ حياة العمل وتحصيل ثمراته يكون بمصاحبته للإخلاص وملازمته له، وقد جاء ذلك في القرآن الكريم فقال جلَّ وعلا: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} فالعبادة وحدها لا تكفي، إذْ قد يدخلها الرياء فيصرفها عن هدفها فتصبح للدنيا لا للآخرة، وتصبح للناس بعد أن كانت لربِّ الناس، ولذلك يأتي التأكيد بـ (مخلصين) ليفرغ القلب من كلِّ شيء ما عدا صفاء النية والصدق مع الله، و(مخلصين) تدخل ضمن المأمور (وما أمروا) لتصبح العبادة مع الإخلاص شيئا واحدا متى ما فرق بينهما لم يحقق العبد أوامر معبوده.والمعنى الحقيقي للإخلاص هو تصفية ما يراد به ثواب الله وتجريده من كل شائبة تكدِّر صفاءه ونقاءه، وخلوصه الخلوص التام لله سبحانه، ومحله القلب، فهو حصنه الحصين ومستقره الآمن، فمتى كان صالحا عامرا بسكناه وحده تبع ذلك صلاح الجوارح، ومتى كان خرابا دخل إليه الرياء وملاحظة الناس وكسب ودهم وتحصيل مدحهم وثنائهم والطمع فيما عندهم من الأقوال والعطايا.