رئيس التحريرمن يتابع وسائل الإعلام السعودية والإيرانية في هذه الأيام يجد أنَّ كلا الدولتين ترقصان على أنغام الأناشيد الوطنية فرحًا بتحقيق الانتصارات الكبيرة ودخول مرحلة مزدهرة جديدة، إيران تحتفل بفكِّ الحصار عنها ورفع العقوبات السياسية والاقتصادية وإعادة مليارات الدولارات التي كانت مجمّدة إلى الخزينة وارتفاع الأسهم في البورصة الإيرانية وارتفاع قيمة العملة بعد حوالي عشر سنوات من العزلة المفروضة، أمَّا السعودية التي انخفضت أسهمها إلى أدنى معدلاتها منذ خمس سنوات وانخفض برميل النفط الذي تصدّره إلى 25 دولار تقريبًا، فقد كانت تحتفل بمرور سنة واحدة على تولي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم ومبايعته من قبل السعوديين (على المنشط والمكره وعلى الأثرة عليهم)!استطاعت السياسة الإيرانية بحنكتها وخبثها أنْ تعودَ إلى الساحة الدولية أقوى ممَّا كانت عليه، لتلعب دورها بكلِّ أريحيّة، وربَّما يكون النجاح الاقتصادي الذي حققته هو الأبرز، كونه الأساس الذي ستقف عليه في مشاريعها القادمة، فالنفط الإيراني سيدخل السوق من جديد ليضخ كامل الحصة المخصصة له من منظمة الأوبك، فيزيدَ من تهاوي أسعار النفط الخليجي الذي صار يشبّه بالماء، وكذلك ستضخ صادرات الصناعة الإيرانية في الأسواق بأسعار منافسة.ويبدو أنَّ النتائج ظهرت مبكرًا جدًّا، فقد وجّهت إيران إلى كلٍّ من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة السعودية (رسالة القوة في ميزان السياسة)، فتعاطت مع السعودية على خلفيّة التوترات والتصعيد من طرف الرياض ببرودة أعصاب، وقد أدان المرشد الأعلى خامنئي الهجوم على السفارة السعودية ووصفه بأنه ضد إيران وضد الإسلام.الرسالة الثانية وجهت إلى الولايات المتحدة الأمريكية من خلال قيام زوارق تابعة للحرس الثوري الإيراني باحتجاز زورقين تابعيين للبحرية الأمريكية قرب جزيرة فارسي شمال الخليج العربي، وقد تمَّ التحقيق معهم وإطلاق سراحهم، وقد أظهرت صورٌ البحارةَ الأمريكيين مجرّدين من أسلحتهم، واضعين أيديهم خلف رؤوسهم.لا نريد من هذه الكلمات تهويل الانتصار الإيراني الذي ما كنَّا نرجو أن تصل إليه إيران في يوم من الأيام، فهي العدو الأبرز لثورة الشام، ولكن ما يهمّنا هو الوقوف على انعكاسات هذه التطورات الخطيرة على الثورة السورية، سواء إن كانت الانتصارات حقيقية أم مجرد تمثيليات وهمية كما يحب أن يصفها البعض. فإيران التي أبهرت الشياطين وهي في سنوات قحطها وعجافها واستطاعت أن تصمد وتمدَّ حلفاءها بالمال والسلاح في كلٍّ من لبنان وسورية والبحرين واليمن لا بدَّ أنها ستبهر إبليس اللعين وهي في سنوات رزقها وانفتاحها على العالم إن لم تكن هناك قوة حقيقية تقف في وجهها، وسينعكس ذلك شئنا أم أبينا على عدد من الدول العربية في مقدمتها السعودية وسورية (المحررة).فالدعم الإيراني لحزب الله في لبنان وسورية وللشيعة المقاتلين فوق كل أرض، خاصةً في سورية واليمن سيزداد، ممَّا يعني تغيرات جديدة على الساحة العسكرية ومجازر جديدة بحق المسلمين. وإن سألت عن الموقف الأمريكي فهو نفسه لم يتغير، يقف أوباما في المنطقة الوسط بين الحليف القديم (الرياض) والصديق الجديد (طهران)، وتزداد قناعته بتوجيه السلاح نحو الجهاديين في سورية بتعاون جميع الأطراف.ترى هل هذه مقدمات لحلول سياسية ستُفرض على الثورة السورية فرضًا؟ يتساءل مواطن سوري وهو يشاهد وسائل الإعلام ويعبئ خزان المياه الفارغ منذ أسبوع!