حبر – وكلات وصحفهي أعوام ثلاث مضت على حي “الوعر”، الذي التم فيه كل نازحي مدينة حمص، و تجمعوا فيه ريثما تعود الأمور ويعودن إلى بيوتهم، مضت الأيام و الأشهر ، وطويت صفحة العام الثالث، ولا عودة لاحت، ولا راحة سكنت النفوس. العامين الأخيرين ، كانا عامان من السجال ، مفاوضات تجري هنا و هناك، تقترب من التوقيع أحياناً، وتبتعد خلف الأفق أحياناً أخرى، ومع الاقتراب و البعد، تتغير الحياة، من حصار خانق حتى الموت، إلى فك بسيط، وتسريب بعض ما يقيت الناس، الذين يقدر عددهم بـ”150” ألفاً .“فيينا” المظلة الإجبارية:الفترة بعد لقاء فيننا، شهدت تكثيفاً لافتاً بالمفاوضات، وتقاربات يمكن معها التأكد، أن التوقيع هو مسألة وقت، و أن التنفيذ قد بدأ على الأرض، ومقررات فيينا بشأن الحل في سوريا و الذي أجمعت عليه الدول المعنية في 14 تشرين الثاني الماضي، أعطت الزخم الأكبر، وكانت بمثابة المظلة التي سيضطر الجميع الدخول تحتها، ترغيباً أم ترهيباً، و لن يكون هناك مكان للرافض إلا النفي، أو التهميش من منصبه .بدأت الجولات، برعاية أممية خالصة، ممثلة بمكتب المندوب الأممي إلى سوريا استيفان دي مستورا و مكتب الأمم المتحدة في دمشق، و تقابل الجانبان على ذات الطاولة، طرف النظام مثله ديب زيتون مدير المخابرات العامة كمندوب أمني، ومحافظ حمص، وبعض من الضباط واللجان الشعبية، فيما كان وفد الحي مؤلف من ممثلين عم مختلف الفصائل و التجمعات .فريقان: متشدد طائفي وسياسي يبحث عن الإنهاء:لاشك أن المفاوضات كانت معقدة ، فوفد النظام مؤلف من نموذجين وهما:فريق طائفي متشدد و يتمثل بطرفين الأول وهم “المتشددين العلويين” يريدون تدمير حي الوعر بشكل كامل كما حصل في أحياء حمص القديمة.أما الطرف الآخر “الميليشيات الشيعية” وغايتهم ارتكاب المجازر داخل الحي واقتحامه وانهاء الوجود العسكري والوجود السني بأي طريقة وتحويل الحي لمستوطنة للمهجرين الشيعة من بقية مناطق سوريا .أما الفريق الثاني، فيضم “فريق أمني” مطالب بوجوب اخراج حاملي السلاح من الحي والإبقاء على المدنيين المتبقين فيه ووضعهم تحت سلطة النظام كباقي أحياء حمص كالغوطة والحمرا وغيرها، أما الفريق الثاني و هو “السياسي” فهو يسعى لأي صيغة لتنفيذ بعض بنود فيينا و التي جاء دي مستورا، ليجد لها أرضية أو نموذج يعتمد عليه، في الاجتماعات القادمة، الممهدة للحل السياسي في سوريا، والذي يبدو أنه يعتمد على تقسيم سوريا لمناطق وإبرام اتفاقيات وهدن .الجوع و الديمغرافيابرر ناشطون سبب التوصل إلى الهدنة و إنهاء أزمة حي الوعر ، بالقول أن “الوضع الإنساني الضاغط وسوء الأوضاع التي تمثلت بالضعف الطبي ونقص الأدوية الحاد وانتهاء المخزون الغذائي داخل الحي واشتداد الضغط من قبل النظام من اجل تجويع الحي والذي بلغ تقليل كمية الخبز المخصصة للحي وغيرها من الآمور الكثيرة التي من الممكن أن يحاربنا النظام بها والضغط على الناس أكثر ضمن الحي”.وأضافوا، أن الوضع الديمغرافي الحساس لمدينة حمص الذي يسعى النظام بكل الوسائل لتغييره وزيادة الاحياء الفارغة إلى 11حي وتهجير الطائفة السنية منها فالغاية الكبرى من الاتفاق المحافظة على البقاء السني المتواجد ضمن الحي.ليست مصالحة بل مجرد “هدنة”رفض أحد المتحدثين من الثوار، وصف ما يحدث على أنه “مصالحة أو اتفاق” وإنما هو “إبرام هدنة بين طرف النظام وطرف المعارضة الموجودة في الحي” ، مشدداً على أنه لا يوجد أي انسحاب من جبهات الحي خلال فترة الهدنة وسيبقى الوضع العسكري على تلك الجبهات على حاله، و سيحافظ الحي على طابعه الثوري، منوهاً إلى أنه لا يوجد ضمن بنود الهدنة ما ينص على تسويات ضمن الحي وإنما هو أمر مرتبط بالنظام وهو يروج له بدون هدنة.وكرر مجدداً أن الهدنة هدفها إنساني بشكل كامل فغايتها حقن الدماء وتجنب كارثة قد بدأت تظهر على الأهالي في الحي ، مؤكداً أن إبرام الهدنة ليس بسبب ضعف أو عجز عسكري، وإنما بسبب العجز الإنساني الكبير الذي اصاب الحي، وتحول إلى كارثة إنسانية استطاع الحي الصمود فيها مدة عامين استفذ فيها الحي كامل مقدراته ومدخراته على كافة الاصعدة.مضيفاً أن الهدنة لا تنص الهدنة على وجود أي عناصر للنظام أو حتى تشكيل لجان شعبية أو لجان مشتركة عسكرية داخل الحي ، وإنما سيبقى ثوار الحي هم من يديرون أمور الحي الداخليةالنص الكامل للاتفاق:1- راعي الاتفاق الأمم المتحدة (مكتب دي مستورا و سفير الأمم المتحدة بدمشق)2- الطرف الأول : مديرية المخابرات العامة (أمن الدول) + محافظة حمص + اللجنة الأمنية + شرطة حمص3- الطرف الثاني : لجنة التفاوض حاملي السلاح + أهالي حي الوعر4- الاتفاق يعطي لجنة حي الوعر الحق بإدارة الحي من الداخل بالاتفاق مع الجوار و تتولى التنسيق مع الدولة عبر الأجهزة الممثلة بالطرف الأول5- تعتبر المقدمة و الملحق جزء من الاتفاقتعريفات1- لجنة حي الوعر : لجنة يختارها أهالي الحي بما في ذلك قرار المدنيين ملزم للعسكريين2- اللجنة العامة أعضاء طرفي الاتفاق3- يعتبر الأمن الدولي المسؤول عن الحي والفروع الأمنية لها دور4- لا يتم تنفيذ مرحلة إلا بعد إتمام المرحلة السابقة وجلسة التقويم5- يتم تنفيذ الاتفاق على ثلاثة مراحلالمرحلة الأولى:1- تبدأ بعد التوقيع و تتضمن وقف اطلاق النار و العمليات بشكل كامل يستمر عشرة أيام2- خروج الراغبين مع سلاحهم ( المعطلين و الرافضين للاتفاق )3- تقديم لائحة بالأسلحة الثقيلة و المتوسطة الموجودة في الحي و هي نفسها التي قدمت من اللجنة السابقة4- السماح بعمل اللجان الإغاثية5- فتح معبر “دوار المهندسين” لمرور المدنيين تفتيش و تفييش للمشاة مع حاجز تقوم عليه كافة الأجهزة الأمنية6- من عليه شيء فله اما ان يقوم بالتسوية او يعود الى الوعر7- يشرح الملحق بقضية عسكري منشق مدني غير مسلح و الاعتقال مرفوض و المتخلف يمنح 5 أشهر تأجيل8- تحضير لوائح المفقودين و المعتقلين و تحديد أماكن اعتقالهم و خروج المعتقلين على مرحلتين9- المدة اللازمة للاتفاق 25 يوم مع التقيّد بالبند الأول و هو الأساس10- اجتماع اللجنة العامة و مناقشة السلبياتالمرحلة الثانية:1- يبدأ بجمع السلاح المصرح عنه بمشفى البر بإشراف من اللجنتين2- إعادة تفعيل المؤسسات العامة ( السرايا و البيئة ) بإشراف أمن الدولة وشرطة خلال الدوام حصرا لحماية الداخل و الخارج3- استمرار دخول المواد الغذائية و الغاز و ترفع حالة الحصار عن الحي4- يتم تقديم مخطط بالأنفاق و الألغام بالوعر عدا الجزيرة السابعة مع الحفاظ على المواقع5- عودة الأهالي المهجرين و النازحين الى الوعر6- اطلاق سراح المعتقلين عدا المحكومين و المحالين للقضاء و المخطوفين من الطرفين7- تسليم السلاح المتوسط الموضوع في مشفى البر للدولة8- تجتمع اللجنة العامة للتقييم و معالجة السلبيات9- مدة التنفيذ من 15 – 25 يوم مفتوحة حتى انجاز الاتفاقالمرحلة الثالثة:1- خروج دفعة من الراغبين بالخروج الى شمال سوريا و ليس ريف حمص الشمالي2- تسليم القسم المتبقي من السلاح المتوسط للدولةملحق الاتفاق1- لكل من يرغب الخروج مع عائلته و سلاحه الفردي بوجود الأمم المتحدة التي تضمن سلامة الخارجين2- تقديم اللوائح الأولى للمعتقلين من قبل لجنة الحيالأهمية التنفيذية للاتفاق:1- تسوية وضع الطلاب و الموظفين2- تقدم لجنة الحي لوائح بأسماء المعتقلين و منحهم كف بحث3- ضمان الطريق المؤدية الى السرايا و البيئة4- بإمكان من يحمل السلاح تسليم سلاحهبعد تنفيذ الاتفاق يتم1- لجنة الحي تقوم بتنفيذ بنود الاتفاق2- الجزيرة السابعة والبساتين يبحث وضعها3- بعد تنفيذ كامل بنود الاتفاق مع إدارة الحي تلغى الحواجزما بعد الاتفاق لم تلبث أن بدأت الخروقات تعكير صفو الهدنة ، والخروقات أتت من جانب النظام سريعة، إذ سجل مركز حمص الإعلامي إصابة 6 مدنيين تم تسجيل أسمائهم بقنص مباشر أو رش عشوائي وبعض الإصابات لبعض الأبنية والمنازل المدنية، وإطلاق نار على الجبهات في أكثر من مكان تجاوز ذلك 20 مرة واصابة أحد العسكريين، وبالإضافة إلى بناء وتدعيم السواتر والحواجز العسكرية، وتحليق الطيران على علو منخفض مع فتح لجدار الصوت.ووصل الأمر بالخروقات إلى اعتقال أحد أعضاء لجنة التفاوض على أحد الحواجز وسوقه لأحد الأفرع ومن ثم إطلاق سراحه، وأخيراً في 30-12-2015 استشهاد شابين عسكريين ولا يحملون سلاحاً واصابة ثالث في منطقة داخل المناطق المخصصة للثوار في حي الوعر تشرف عليها المليشيات الشيعية وهذا الخرق يعد من أكبر الخروقات التي قام بها نظام الأسد وميليشياته ضد حي الوعر، الأمر الذي دفع لجنة التفاوض بإصدار بيان بتاريخ 31-12-2015 يبين حقيقة تصرفات النظام واستغلاله للأدوات التي يملكها وعدم جديته في تنفيذ البنود ورغبة الحي الشديدة في العيش الكريم واغلاق معبر الحي إلا للحالات الإنسانية معبرين عن امتعاضهم من تصرفات النظام.يلف هذه الهدنة شيء من الغموض وعدم الوضوح من قبل النظام حيث سرعان ما بدأ يروج النظام إعلامياً على لسان محافظ حمص طلال البرازي لأمور غير متفق عليها بين الطرفين وهي خروج جميع المقاتلين من الحي على دفعات منوهاً لإفراغ الحي تماماً من الثوار.كما وقام النظام بترويج إعلامي كبير لفتح المعابر الإنسانية لداخل الحي والسماح للمنظمات بالدخول والوقوف على الوضع الإنساني السيء للحي وتم إدخال بعض القوافل الإنسانية ما يقارب 7200 حصة غذائية أي ما يكفي 7000 عائلة من أصل 12000 ليس هذا وحسب بل تم سحب العديد من المواد الأساسية المكونة لتلك الحصة من ملح وفول ومعلبات وغيرها من المواد.جاء ذلك بعد الكثير من الوعود والآمال التي تم بنائها بعد زيارة السيد ستيفان أوبراين المنسق العام الأول للأمم المتحدة في مجال الإغاثة والمستشار البريطاني لأكثر من ثلاث أعوام برفقة ورشات عمل ورقي سجلوا كل ما رأوه وأخذ كل ما عرض لهم من حلول لم ينفذ أي شيء منها حتى الأن وعدم قدرتهم على ادخال المواد الأساسية التي كانت تدخل للحي قبل شهور ليست بطويلة ليتبع تلك الزيارة وفد رفيع من اللجنة الدولية للصليب الأحمر مكون من فرق تقييم طبية واغاثية وخدمية وفريق حماية ترأسه “دانكا” كرئيسة للفريق وصابرينا رحال منسقة الفريق وماجدة فليحان مديرة مكتب حمص للصليب الأحمر.وهذا ولازال الحي محاصراً ويمنع من ادخال أي مواد غذائية أطبية أو صحية ورفوف المحلات خالية تماماً من المبيعات حتى من الألبسة الشتوية الأمر الذي دهو الوضع الاقتصادي داخل الحي وجعل ظروف الناس تزداد سوءاً فليس هناك أي باب للرزق من أجل العيش حتى وصل حال الكثير من العوائل بعدم استطاعتهم شراء سلة الخضار الأسبوعية المخصصة لهم الأمر الذي جعل احتقاناً وغليانا في صفوف الناس داخل الحي الذي ما زال محاصراً حتى نهاية كانون الأول 2015 .تغيرت بعض هذه الملامح مع بداية العام وبدأ العمل فعليا بالمرحلة الثانية من الاتفاق في 15 كانون الثاني 2016 .. ولن تحدد مدة الهدنة إلا بعد انتهاء المراحل الثلاثة، حيث سيتم توقيعها وتتدخل حيز التنفيذ الفعلي .
تم إعداد هذا الملف عن هدنة الوعربالاعتماد على كثير من الوكلات والصحف العربية والسورية وشهادات بعض أهالي المدينة