أحمد نعسان |
في ظل غرق أجزاء واسعة من المخيمات بريف إدلب الشمالي، وفي ظل انعدام الخدمات فيها، نظم نشطاء من الثورة السورية مباراة لكرة القدم الطينية في مخيم (براعم أبي الفداء) بالقرب من مدينة سرمدا الحدودية، هناك حيث لا يوجد لا مدينة ألعاب ولا حتى مدرسة، هناك على أرض ذات تربة حمراء طينية تعتبر جزءًا من هذا المخيم الذي حاله كحال باقي المخيمات العشوائية التي تحولت إلى مستنقعات وبرك ماء تحيط بالخيام من كل مكان.
(محمد الأشقر) ناشط إعلامي من ريف اللاذقية يقول: “اقترحت هذه المبادرة على بعض الأصدقاء الناشطين، وبما أن رياضة كرة القدم هي الرياضة الأكثر شهرة بالعالم قررنا إقامة مباراة كرة قدم على أرضية طينية مع الأطفال الذين هُجِّروا إلى تلك المخيمات لتسليط الضوء على معاناتهم في فصل الشتاء، حيث قمنا بإعداد فريقين، الفريق الأول الناشطين والفريق الآخر أطفال المخيمات.
بدأت المباراة بشغف كبير وبدأنا التحدي وبدأ الأطفال يلعبون ويمرحون ويضحكون وتغوص أقدامنا وأقدامهم الطاهرة بذلك الطين المقدس الذي نزلت عليه ماء من السماء ليتحول إلى معاناة كبيرة في أغلب المخيمات يعاني منه الكبار والصغار.” ويضيف الأشقر: “رغم أن الجو كان باردًا والأرض طينية، إلا أن الأطفال كانوا فرحين وهم يلعبون، ولقد شُوهدت ابتسامات على وجوههم لم تفارقهم طوال المباراة.”
(عزيز الأسمر) الرسام والفنان التشكيلي الذي كان دائمًا سلاحه الريشة والألوان شارك بالرسم على وجوه الأطفال برسمات جميلة بأنامل لم تهدأ ولا يوم عن الرسم على جدران بنش وغيرها من المدن، وشارك أيضًا باللعب مع فرق الناشطين، يقول: “أردت أن أشارك هؤلاء الأطفال في هذه المباراة لرسم الابتسامة الضائعة على وجوههم ولتسليط الضوء على فلذات قلوبنا أطفال المخيمات الذين هم أطفال معرة النعمان وخان شيخون وأطفال ريف حماة وأطفال الغوطة. “
(فراس الأحمد) من بلدة بنش بريف إدلب يعمل مهرجًا للأطفال، كان له الدور الكبير بحركاته المضحكة، يقول الأحمد: “لقد ارتديت لباس المهرج، وكان دوري القيام ببعض الحركات المضحكة التي استطعت من خلالها رسم الضحكة على وجوه هؤلاء الأطفال، ولقد كانت أجمل مباراة مع أفضل لاعبين، عشنا يومهم ومثلهم وكنا لهم فرحة لنعلن للعالم بأجمعه أننا جسد واحد وقلب واحد وروح واحدة نضحك معًا ونبكي معًا.”
(مرهف الجدوع) ناشط إعلامي ومهجر من بلدة كفرزيتا بريف حماة يقول: “آلاف الرسائل بالدموع والنواح لم تصل إلى العالم لعلها تصل ببسمة من وجه ممرغ بالطين من مخيمات الشمال السوري.” ويذكر أيضًا بأن “هذه المبادرة لاقت تفاعلًا كبيرًا من الأطفال، بالإضافة إلى حضور كبير من الناشطين من إدلب وريفها الذين كانوا جمهورًا رائعًا، لقد استطعنا أن نوصل الفرحة للكبار والصغار في هذا المخيم.”
ويختم (الأشقر) بقوله: ” في نهاية المباراة جلسنا مع الأطفال على الطين بشكل دائري، وبدأنا ننشد ونغني ونهتف بالحرية من قلوب نقية بصوت واحد، ومن بين تلك العبارات التي رددناها في نهاية المباراة: (بالوحل والطين نحن ولله عايشين، والعالم شايف ومو حاسس فينا) إضافة إلى ذلك قمنا بتوزيع الهدايا والألعاب على جميع الأطفال في المخيم متمنين أن تصل الفرحة إلى قلب كل طفل في مخيمات الشمال السوري.”