محمد قره بللي |
بعد النظر في التاريخ الحديث للدويلات العربيّة، وبعد ثورات الربيع العربي ألخص إليكم بعضًا من الخطوات التي جعلت الحاكم العربي في السلطة بجدارة.
أولاً: يجب أن يكون ابن المؤسسة العسكريّة ورجل حرب، ويُحيط نفسه برجال عسكريين يعطيهم كافة الصلاحيات لحماية عرشه، كما يُفضّل أن ينشئ مجموعات مسلّحة يطاردهم إعلامياً، ويدعمهم واقعياً، يبقون تحت جناحه يستخدمهم إذا صحا الشعب وثار ضده، ولا يهم إن كان يجيد أيًّا من العلوم السياسية أو الإنسانية أو أي علوم أخرى، فالمطلوب منه البطش بقوة وعدم الرحمة، وفرض السيطرة على كل شيء.
ثانيًا: السيطرة على الإعلام، كأن يأتي بأناس سفهاء ليصنع منهم إعلاميين، ليصبحوا عبيداً له يجعلونه ولي نعمتهم، ويفرضون ذلك على الرعية، ويأتوا بشخصيات هامشية يجعلون منهم نخبة فكرية يخونون كلَّ معارض للحاكم عبر الشاشات في كل الأوقات سواء كانوا معارضين لبعض القرارات أو معارضين لنظامه بالكامل.
ثالثًا: المتاجرة بالدين والتستر به، يحاربه تارة، ويؤيده تارة أخرى، يأخذ منه ما يريد، ويهجر منه ما يريد، وفي تلك الحالة يخرج له بعض المتاجرين في الدين يدَّعون أنهم علماء ودعاة، فيفعلوا ما يفعله الإعلاميون لكن يفرضوا ذلك بمصطلح إطاعة وليِّ الأمر، والخروج على الحاكم لا يجوز بأي حال من الأحوال، فهولاء سيكون همهم الوحيد رضا الحاكم وأمواله والمكاسب الشخصيّة، وهذا ربما أتضح قليلاً للشعوب في الفترة الأخيرة لكن مايزال هناك من يقتنع به.
رابعًا: اصطناع الإرهاب والمؤمرات الخارجيّة التي تهدد أمن واستقرار البلاد، سواء هذا كان موجود أم لا، فالحاكم العربي الطاغية دائمًا أوهم الشعب بأن هناك مؤامرة تترصد بهم، وأنهم بحالة حرب، وبالطبع كل شيء مباح في حالة الحرب تماماً، كما يحصل الآن في عدة بلدان عربيّة، فالكثير منهم قد جعل الملايين من شعوبهم أهل فتن وإرهاب، والجميع يعلم أنهم معارضين لشخصيات معينة فقط لا أكثر.
خامسًا: تدمير التعليم دون إلغائه، وهذا في غاية الأهمية فالحاكم العربي صنع صوره في كل مكان يحيط بالمدرسة، ووضع تماثيل أمام المدارس كي يبقى شخصية خالدة وأسطورية أمامهم وتزرع في عقولهم أنه القائد والمنقذ الوحيد لهذه البلاد، وكذلك وضع حفنة من الأغبياء في وزارة التربية والتعليم يضعون مناهج غبية، ويصنعون من ماضه تاريخًا للبلاد، ومن حاضره قومية وطنية، ويجعلون منه أسطورة أمام الأجيال كي يضمن العرش له ولأولاده، وكلما تخرَّج جيل أكثر جهالة بقي بعرشه أكثر وضمنه لأولاده من بعده، وهذه من أهم الأمور.
سادسًا: تخريب القضاء، وهذا ما فعله الحكَّام بجعل الفساد والرشوة تنخر في دور المحاكم دون رقيب أو حسيب، وبتلك الحالة ترى الجميع ممنون من هذا الشيء، فالراشي يفرح بأن أموره تسير بسرعة وكما يريد، والمرتشي يمتن للحاكم لأن خزينته تمتلئ وتكبر، وبذلك يتبقى الفقراء والمغلوبون على أمرهم من الناس البسطاء لا يُؤبه لهم، فهؤلاء لا صوت لهم، وإن تجرؤوا وصرخوا فلن يسمعهم أحد، وإن سمعهم أحد فسيكون مصيرهم مجهولاً.
سابعأ: ادعاء الوطنية وهذه من أهم الخطوات، فإذا ادعاها بشكل صحيح تحولت الدولة لمزرعة خاصة به، وهذا متعلق بالخطابات الوطنية والصراخ من أجل القضية المنسية أساسًا، ويستطيع الحاكم أيضًا ترديد شعارات أخرى مثل: (العدالة، الحرية، الوطن، المواطن، المقاومة، الممانعة) ومثلها الكثير.
وأخيرًا وقبل أن يفعل كل ذلك، يجب عليه أن يكون عميلاً لإسرائيل أو أمريكا أو أي دولة على الشاكلة نفسها، وبذلك أصبح الحاكم الطاغية شخصًا وطنيًا بحق ولا يستطيع أحد التحدث عنه بحرف.