بقلم رئيس التحريرتتزايد قوائم الاحتمالات والتوقعات المفاجئة في المشهد السياسي والعسكري السوري بعد التقدم الذي أحرزه الجيش الفارسي السوري مدعومًا بالتغطية الجوية الروسية في شمال حلب، ووصوله إلى بلدتي نبل والزهراء (المحاصرتين) بين قوسين!!وبالإضافة إلى ذلك تأتي مؤشرات انهيار مفاوضات جينيف3، وإلقاء المسؤولية على وفد المعارضة من قبل الوزير كيري الذي توقع اجتثاث المعارضة في غضون ثلاثة أشهر، وأبدى عن عدم رغبته في خوض حرب مع روسية من أجل المعارضة، وهذا يعني دخول مرحلة جديدة تنكث فيه واشنطن وعودها كالعادة، وتتخلى عن التزاماتها، وتوجه رسالة قوية إلى دول الخليج المساندة للثورة السورية مفادها (مصالحنا فوق الجميع).ويبدو أن دول الخليج استوعبت الرسالة من قبل، وأدركت حجم التغيرات الطارئة والتفوق الروسي الملحوظ، فبدأت البوصلة تتجه نحو الشرق، فزار الشيخ تميم بن حمد روسية في 18 كانون الثاني لتعزيز التنسيق بين البلدين في سياق منتدى الدول المصدرة للغاز، والتعاون في المجال الاستثماري، وقد صرح بن حمد بأن لروسيا دورًا مهمًّا وقويًّا في العالم وأنهم يعولون على الأصدقاء في روسية في حل معاناة الشعب السوري وللتسوية السياسية.ثم تأتي زيارة العاهل البحريني حمد بن عيسى لروسية في 8 شباط التي أسفرت عن تعزيز التعاون العسكري الفني بين البلدين وتأمين المصالح المشتركة، والتأكيد أن روسية والبحرين تريدان سورية دولة مستقرة تعتمد على قواعد علمانية كما قال لافروف. وقد صرح وزير الخارجية البحرينية أن مواقف البلدين في المحاور الرئيسة واحدة، وهي مكافحة الإرهاب وعدم تفكيك الدول وعدم إسقاط الحكومات الشرعية في المنطقة. وهنا نتساءل عن أي حكومات يتحدث الوزير؟ لا بد أنه يقصد حكومة بشار الأسد!ولم تتوقف الزيارة عند هذا الحد فقد شكر (جلالة الملك) الرئيس بوتين على دوره في مساعدة الشعب السوري كما شكره شبيح منبر المسجد الأموي من قبل، وأهداه (سيف النصر الدمشقي) الذي صُنع مقبضه وغمده من الذهب والفضة، وكأن (جلالته) ملكٌ من ملوك الطوائف في الأندلس يقدِّم طاعته وولاءه لعدو المسلمين ألفونسو في سبيل كرسيّه وسلطانه!هذه الزيارة لا بدَّ أنها تعكس بشكل أو بآخر التغيير الذي سيحصل في السياسة السعودية التي ربما تريد إمساك العصا من المنتصف، وتحقيق التوازن بين الموقفين الروسي والأمريكي، فالملك سلمان يستعد لزيارة موسكو في منتصف شهر آذار المقبل.السفير الروسي لدى الرياض “أوليج أوزيروف” خطا الخطوة الدبلوماسية الأولى ومهَّد للتقارب بين البلدين، وقال إن مواقف روسيا والسعودية متطابقة أو قريبة حول معظم القضايا الدولية والإقليمية، وإن البلدين يعملان معًا بنشاط من أجل منع القوى الهدَّامة من تحقيق هدفها الرامي إلى إطلاق دوَّامة الصراع بين الحضارات.أغلب الظن أنَّ اللقاء بين الملك سلمان وبوتين سيكون حول السياسة النفطية في السوق الاقتصادية، والتنسيق بين موسكو والقوات البرية المشتركة لقتال الدولة الإسلامية، مع بعض الإدانات لبشار الأسد.الجميع ينتظر الزيارة ونتائجها، والبعض متشوق لمعرفة الهدية التي سيقدمها بوتين للملك سلمان أو العكس .