حازم العلي |
كانت أيام الأسبوع الفائت أيامًا عصيبة على ساكني المناطق المحررة وأنصار الثورة عمومًا، وعلى أهلنا الذين هجروا من ديارهم بريف إدلب خصوصًا ضمن حلقة جديدة من حلقات الإجرام والوحشية تشاركت فيها الطائرات الروسية بالجو وجنود وشبيحة الأسد على الأرض.
لكن أبناء هذا البلد لا يجربون بمثل هذه الشدائد، فتاريخهم يشهد لهم بمساعدتهم لكل من هُجِّر من وطنه من فلسطين والعراق ولبنان وغيرها، فتهافت الناس أفرادًا ومؤسسات لتقديم يد العون لإخوانهم المهجرين، وأُطلقت الحملات والمبادرات، وكان لابد لنجاحها والتأثير بقدر كبير على المانحين والمتبرعين في الداخل والخارج أن تُرفَق هذه الحملات بفيديوهات وصور وأخبار تحكي مأساة وحاجات هؤلاء المهجرين فهكذا جرت العادة في كل محنة تمر بنا.
رغم أن الأمر يبدو طبيعيًا وصحيحًا ولا يُقصد منه سوى الخير، فهو سعي محمود وجهد مبارك لا تُنكر نتائجه الإيجابية على أهلنا المهجرين، لكن هذا الانتشار الهائل والاستهلاك الإعلامي لمآسينا وخاصة عند المتابعين والمهتمين بتطور الأحداث وأخبار الناس وجُلهم من المناطق المحررة، يعز علينا، فترى قصفًا لسيارة تحمل أمتعة النزوح على الطريق، ومناشدة مبكية من امرأة، وأخرى تستغيث بمن يخرجها من بيتها، وطفلة عالقة تحت سقف بيتها، ورتلًا كبيرًا لسيارات محملة بأثاث البيوت هاربة لمكان آمن، كل ذلك يرافقه تقدم لعصابات الأسد واحتلالها للقرى واعتزازها بالنصر شماتة بالثوار، وتغير بمواقف الدول الأصدقاء، وازدياد العداء من الدول الأعداء.
وزاد مصابنا وألمنا فوق ما نحن فيه، ما نسمعه عن مآسي المسلمين في العالم في الصين والهند وبورما ولبنان والسعودية، والتي تزامنت مع مآسينا، كل ذلك أحدث في نفوسنا يأسًا مهلكًا وحزنًا عميقًا، فتزعزعت ثوابتنا ونُسيت مبادؤنا وضعف بالله يقيننا وفترت عزائمنا وكثرت شكايتنا.
رجعت إلى التاريخ وشكوت له حالنا وأريته بعضًا من مشاهد وصور المآسي التي حلت بنا وسألته هل رأيت مثل هذا؟!
إن هذه الماسي ليست أول مرة ولن تكون آخر مرة، وهي مستمرة مع استمرار الحياة وصراع الحق والباطل، وإن اختلف الأشخاص وأدواتهم من زمان لزمان، وماهي إلا طريق النصر والتمكين قصر أم طال، فبعد مئة سنة من الآن لن يكون على هذه الأرض أحد من الظالمين ولا من المظلومين، ستصبحون صفحة من صفحاتي كما كل من سبقكم، ولن يُغلب الحق مادام الحق قيِّوم السماوات والأرض.
أجابني التاريخ: تعال أحدثك عن بعض من أمثال ما يحدث معكم من مآسي مرت على المسلمين ثم زالت وعادت للمسلمين قوتهم وسلطانهم في الأرض
في حجة الوداع كان مع النبي من الصحابة 120000 ولما مات النبي محمد صلى الله عليه وسلم ارتد الناس عن الدين حتى لم يعد يؤذن إلا في ثلاثة مساجد.
في 417 ه، دخل القرامطة المسجد الحرام ووقف (القرمطي) وقد انتزع الحجر الأسود وبقي عنده عشرين سنة وكان يقول: “أنا الله والله أنا، يخلق الخلق وأفنيهم أنا” ويقول مستهزئًا: “أين الطير الأبابيل والحجارة السجيل.”
في أواخر القرن الخامس جاء الصليبيون بتسع حملات صليبية واحتلوا بيت المقدس 90 سنة ورفعت عليه الصلبان.
في القرن السابع دخل التتار بلاد المسلمين وقتلوا في أسبوع واحد 2 مليون مسلم في بغداد حتى أن ابن الأثير وهو يؤرخ تلك الأحداث قال ماذا أكتب؟ هل أكتب نعي الإسلام؟
والسؤال: هل ضاع الإسلام؟ وأين أولئك المتجبرون هم اليوم؟ لقد هيأ الله من أعاد للأمة مجدها وعزها وهكذا تجري سنة الله في كل زمان، لكن تذكَّر أن الله قادر بلحظة واحدة أن يمكن لدينه، لكنه الحكيم الخبير يهيئ الأسباب ويبتلي العباد ولا يكون إلا ما يريد “لا يزال الله عز وجل يغرس في هذا الدين غرسًا يستعمله في طاعته” فلتكن أنت من هذا الغرس، ولا تلتفت لما سوى ذلك، فالله متم نوره ولو كره الكافرون.