بقلم محمود العمريلا يمكن لنا أن نغفل دور المرأة في بناء الأسرة، كما لا يمكننا أن نغفل دورها في بناء المجتمع وثقافته، فالأسرة والمجتمع هما ركنا بناء الأمة، وبشكل مختصر يمكننا أن نقول: إنَّ المرأة هي الأمة، وإنَّنا إذا أحسنَّا استغلال المرأة وطاقاتها فنحن نحسن بناء الأمة، وإذا أسأنا استغلالها فنحن نهدم بناء الأمة.ولو أخذنا جانب المرأة الأم لكفانا، فأي تقصير في عمل المرأة الأم ومسؤوليتها فإنَّه يعتبر تقصيرا في واجبها تجاه أمتها، وستكون نتائجه ظاهرة في جسد الأمة، فلو قصَّرت الأم في تربية أبنائها سينعكس ذلك في أن تكون هذه اﻷمَّة أمة جاهلة. قد تسأل الزوجة مثلا: ما هو عملك…؟ فتجيب ربَّة منزل، ولا تفهم من هذه العبارة شيئا سوى أنَّها ربَّة تقوم بسدِّ احتياجات المنزل، وتنسى َّ ربَّة المنزل هي ذاتها ربَّة الأمة، إن أحسنت هنا أحسنت هناك وإن أساءت هنا أساءت هناك.مشكلة المرأة اليوم أنَّها لم تعي بعد ما هو واجبها كما لم يعِ الرجل ما هو واجبه أيضا، فواجبها وواجبه متوافقان توافق الشيء لظله ومختلفان اختلاف الضد للضد، متوافقان في الأهداف والغايات، مختلفان في الوسائل والطرق، متكاملان فنقص أحدهما نقص للآخر، بيد أنَّ هذه القواعد والنظريات كما هي باقي القواعد لها شواذ، ففي سورية مثلا تجتمع الأضداد لتكون المرأة بعدَ فقد الرجل هي المرأة والرجل، ليس الرجل بصفاته لكن بوظائفه، ويكون الرجل في سورية هو الرجل والمرأة، أيضا ليس بصفاتها لكن بوظائفها فعلى المرأة السورية أن تكون في بعض الأحيان أمًا وأبًا وأختًا في نفس الوقت.على المرأة اليوم أن تعرف أنَّها تقف أمام جملة من التحديات الكبيرة التي تستهدف أساس وجودها وعملها في هذه الدنيا، وأنَّها وسط غابة من آكلي لحوم البشر الذين لا يعترفون بالأخلاق والشرف ولا يعنيهم الدين والفضيلة، وهؤلاء يريدون أن يحدثوا خللا في دورها الحقيقي وحرفه عن المسار الذي يجعلها ترتقي بأولادها ومجتمعها.إنَّ الطريق الذي رسمه الله للمرأة التي تعرف رسالتها هو طريق الخلاص الذي لا محيد عنه، فلتقرأ المرأة التي تبتغي الفوز سير جداتها من الصالحات لتتبع طريقهن في التربية والعمل، لتنجب لنا في القرن الواحد والعشرين أمثال الزنكي وابن الوليد، ليدوسوا كسرى العصر الجديد وصرح فرعون الحفيد.