غادة جمعة |
الكتب ليست أكوامًا من الورق على الرفوف، إنما هي عقول على الرفوف من خلالها نطلع على العالم؛ لأنها الذاكرة الوحيدة المؤكدة المستمرة للفكر الإنساني، ومن خلالها تصنع الأفكار وتصاغ الأذواق.
يقول مثل صيني: “الذين لا يقرؤن كتابًا ليسوا أحسن حالاً من الذين لا يعرفون القراءة والكتابة”
ولذلك تُعدُّ القراءة من أهم الهوايات التي تسهم في التعرف على حضارات الشعوب وتساهم في تطور الإنسان وصقل شخصيته وتمنحه خبرة في الحياة، فهي سمة سنين وتحصيل في العمر، بالإضافة إلى أنها تفتح القدرات الذهنية للإنسان وتخلصه من مشاعره السلبية وتشحذ همته، وهي أيضًا تنشيط وتهذيب للعقل توسع آفاقه وتتيح الاستفادة من التجارب التي مر بها الآخرون.
أهم التغييرات التي تطرأ على الإنسان عند ممارسته القراءة باستمرار هي:
يصبح الإنسان بالقراءة أكثر سعادة، ويكتسب من خلالها متعة في النفس والروح، وتجعله أقل توترًا وتبعده عن هموم الحياة والأحداث المتوالية.
والقراءة أيضًا تبعد عن الإنسان الأرق عند قراءته لكتاب مطبوع قبل النوم، وتزيد من قدرته على تفهم طبائع الناس وأحوالهم وأفكارهم بشكل أعمق، وتطور بلاغته وفصاحته اللغوية، وتزيد من معرفته بأمور الحياة، والنتيجة سيصبح من يقرأ واسع الآفاق بشكل عام، يتعلم كيف يأخذ وكيف يعطي.
إذًا ليس من المستغرب من شخص يمارس القراءة ويتحلى بكل هذه الصفات ألَّا يتميز بشخصية جذابة ودودة ومؤثرة، هذا الشخص يأتي من الداخل ليأخذنا من الخارج، وجهه الواثق له تأثير على الآخرين، له (كاريزما) تميزه عن الآخرين بطبيعته المتواضعة وامتلاكه لمهارات الاستماع إلى من حوله والقدرة على الإقناع والتكيف مع الظروف والناس، وهذا مرده إلى معرفته بشتى العلوم الإنسانية وارتقاء روحه للدرجة التي سمحت له بالدخول إلى القلوب وسبر عوالم النفس البشرية دون عناء.
نستطيع القول إن القراءة هي أحد الأنشطة البشرية التي يمارسها الإنسان منذ القدم وحتى الآن، يأتي بعدها الإدراك والفهم، وبالتالي إثراء الجانب الشخصي لدى الإنسان.
يعتبر البعض القراءة إحدى الهوايات المحببة، يقضون بها فراغهم شأنها شأن الهوايات الأخرى التي تساعد في اكتساب المعارف والخبرات المختلفة، بينما يجدها البعض الآخر ضرورة من ضرورات العصر لتنمية عقل الإنسان وشخصيته وجانب مهم في اكتسابه معرفة تفيد من حوله وتكسبه السحر والجاذبية وصفاء النفس.
أعتقد أن التنوع في القراءة يزيد من المعلومات ويساهم في تفهم ومعرفة أوضاع الناس، فالقراءة تبني العقول مما يزيد من تجاربنا، عند ذلك نصل مرحلة الإدراك والوعي، فلا نحكم على الأشياء إلا ونحن على بينة من الأمر، أنصح ألَّا تترددوا في قراءة كتب التراجم والأحداث التي تزيد من معرفة الإنسان للحياة، أما كتب الأدب فتساهم في معرفتنا بالمفردات اللغوية، بينما القراءة التاريخية تزيد من معرفتنا بشؤون الناس وثقافات الشعوب والدخول إلى أعماقهم البشرية، حتى أن البعض يعتبر قراءة القصص البوليسية مفيدة عند قراءها، فهي تفتق الذهن وتجعل الحيطة والحذر لدى الإنسان أشمل وأرقى، واستحضر قولاً لأحدهم:
كل مصحوب ذو هفوات والكتاب مأمون العثرات
فإذا أردت أن تكون شخصًا مميزًا وجذابًا ومحببًا، ضع ثقتك في كتاب ذي قيمة.