محمد قرة بللي |
الثورة أو (المؤامرة الكونية) كما يسميها النظام ماتزال تُحيط بنظام بشار الأسد منذ تسع سنوات، الذي مايزال ماضيًا في طريق محاربته لها مهما كلف الثمن، وحسبنا في هذا المقال أن نذكِّر، بعد سنين خلت، بمراحل (المؤامرة الكونية) على الأسد وتفاعله معها.
الجديد بالأمر أسلوبيًا ما بدا واضحًا من خلال تخليه عن مقدرات سورية لمن يقدمون له المساعدة في قتل الشعب السوري (روسيا، ومليشيات إيران) فقد وصل الأمر به إلى التخلي عن حقول النفط، وخطوط غاز، وأراضي ومطارات سورية وموانئها، وتقديم خسائر بشرية لا تعد ولا تحصى، وتدمير البنى التحتيّة، كل ذلك في سبيل التخلص من تلك المؤامرة الكونية اللعينة عليه، وبنتيجة تلك الفواتير استطاع الأسد أن يقتل قرابة مليون سوري من أتباع (المؤامرة) وأن يضع أكثر من أربعمئة ألف منهم في السجون، واستطاع أن يهجر خمسة ملايين منهم، وأن يحول أكثر من سبعة ملايين من الشعب السوري إلى لاجئين ومهجرين، مع تدمير أكثر من ٧٠٪ من المدن والقرى السورية، وهذه متوسط الإحصائيات العالمية، علمًا أن سكان سورية تعدادهم ما يقارب 25 مليون نسمة.
وعلى الصعيد السياسي أن الأسد (بحنكته السياسية) حوّل أكثر من نصف الشعب السوري إلى إرهابيين وخونة وتكفيريين، وأصبحت سورية مصنعًا للإرهاب، وبدأ يطلب من المجتمع الدولي محاربة ذلك الشعب باسم الإرهاب الذي صنعه، وفي الوقت ذاته تحمّل عزله من الجامعة العربية، وتحمل أيضاً مقاطعة غالبية دول العالم له، باستثناء روسيا وإيران والصين، ومؤخراً بعض الدول العربيّة على استحياء، وهو الآن عبارة عن شخصية عسكرية، تمتلك ميليشيا مسلحة على أرض عربية، تدار من قبل روسيا وإيران.
أما على الصعيد الاقتصادي والمدني، ففي سبيل القضاء على (المؤامرة الكونية) فقدت العملة السورية قيمتها بسببه، وأصبحت قيمة الدولار الواحد ما يفوق الألف ليرة ومازال بارتفاع، لكن رغم ذلك لم يصمت الأسد عن هذا الارتفاع الذي حصل، فقد استطاع مجابهة هذا الارتفاع بسرعة فائقة، من خلال الحملة التي قام بها رجال الدين (زكاتك خفض أسعارك) وبحملة (ليرتنا عزتنا) ومن قراراته الحكيمة منع أي شخص التحدث بقيمة الدولار.
ومن بركات التصدي أن وزراء الأسد أصبحت مهامهم (كبيرة) في هذه المرحلة، ومثال على ذلك وزير النفط، الذي أصبح أكبر عقبة تقف أمامه هي تنظيم دور الغاز للمواطنين! ووزير التربية الذي أكبر مهامه إصدار قرار بتعطيل المدارس أثناء التصدي للمؤامرة! ووزير الكهرباء الذي مهمته تنظيم ساعات التقنين التي قد تستغرق ما يعادل عشرين ساعة باليوم! أما وزارة التموين فمن أصعب الوزارات، إذ حتى الآن يوجد هناك بعض البقالة لم يلتزموا بالتسعيرة المخصصة على المواد الغذائية، فبسببهم شكّلت صعوبة على المواطن لدرجة أن راتبه الذي قيمته أربعين دولارًا لا يكفيه لنهاية الشهر.
ولا ننسى التذكير بأن الشهادات التعليمية السورية في ظل التصدي للمؤامرة أصبح غير معترف بها في كثير من دول العالم، وكذلك صار جواز السفر السوري بلا قيمة عالميًا، إذ لم يعد يُسمح للسوري الدخول إلى غالبية دول العالم لأي سبب من الأسباب إلا بكفالة أو فيزا، وأصبح السوري منبوذاً من جميع دول العالم، ودائماً ترادف كلمة سوري كلمات (إرهاب، حرب، فقر) والكثير من هذه المصطلحات.
إلى هنا ننتهي من ذكر القليل من انتصارات (سورية الأسد) التي ما تزال مستمرة وآخرها تهجير أهالي المعرة وريفها ومعظم أهالي ريف إدلب الجنوبي والشرقي وريف حلب الغربي والجنوبي، ولكن يدور بمخيلتي سؤال: أين ستقف حدود التصدي الأسدي للمؤامرة الكونية بعد كل هذا التفريط بالأرض والموارد والقتل وغزو أعلام الدول للسيادة السورية؟ ربما سيذكر التاريخ يومًا أن كان هناك سورية وكان هناك شعب أراد الحرية، وكان هناك جلاد ..