حسن كنهر الحسين |
شهدت الأيام القليلة الماضية موجة نزوح واسعة من مدن وقرى وبلدات (معرة النعمان، وكفرنبل، وسراقب، وأريحا، وقرى وبلدات جبل الزاوية، وريفي حلب الغربي والجنوبي) نتيجة قصف النظام وروسيا على مساكن الأهالي في تلك المناطق. الأمر الذي خلف أزمة سكن قديمة جديدة تظهر مع كل حالة نزوح وتهجير، حيث شهدت أجور المنازل ارتفاعاً ملحوظاً مع صعوبة في إيجاد منزل للإيجار، ما فتح المجال لأصحاب بعض النفوس الضعيفة لاستغلال المستأجرين في منازلهم ورفع الأجور.
(سعيد الشامي) مهجر من حي جوبر الدمشقي يسكن في بلدة (سلقين) يقول: “كان إيجار منزلي 10 الاف بالشهر، لكن مع توالي وصول دفعات المهجرين كلما حدث قصف وتهجير، يزداد المبلغ شهرًا تلو الآخر، وحاليًا فرض عليَّ صاحب المنزل دفع 300$ سلف لمدة ثلاثة أشهر بعد ازدحام المنطقة بالمهجرين من باقي المناطق”.
أما (أحمد) فقد تصرف صاحب منزله بأسلوب آخر، حيث يقول لنا: “فرض عليَّ صاحب المنزل الخروج من منزله بحجة بيعه، لكن تبين لي أنه اتفق مع أحد المستأجرين الجدد مقابل دفع مبلغ مالي أكبر”.
أما صاحب المنزل الذي تستأجر منه الأرملة (أم علاء) مع أبنائها الأربعة، فقد رفع الإيجار لانخفاض قيمة الليرة السورية، إذ بعد هبوط قيمة الليرة عمدت شريحة واسعة من أصحاب البيوت في الشمال إلى رفع إيجارات منازلهم أو تحويل العقد إلى الدولار بدلاً من الليرة السورية.
إن متوسط قيمة الإيجارات قبل توالي دفعات النازحين الأخيرة للمناطق الشمالية كانت لا تتعدى 30 ألف ليرة، ومع توالي دفعات المهجرين من ريفي إدلب الجنوبي والشرقي وريف حماة الشمالي إلى القرى والمناطق الحدودية مع تركيا، تضاعفت تلك الأجور لأضعاف عند بعض أصحاب البيوت، حيث تعدت قيمة الإيجار في بعض الأحيان حاجز150$ مع دفع الإيجار سلفًا لعدة أشهر، الأمر الذي دفع العديد من المستأجرين إلى ترك منازلهم واللجوء إلى المخيمات أو المدارس، بعد عجزهم عن دفع أجور منازلهم في ظل غياب فرص العمل وانعدام الدعم.
كما لجأ عدد من الأهالي إلى شراء خيم ونصبها على حافات الطرقات أو الأراضي الحراجية بهدف التخلص من أعباء الإيجارات الشهرية، وذلك ما فعله (عبد الله الأحمد) من بلدة (حزارين) بعد أن قام صاحب البيت الذي يقيم فيه برفع الإيجار من 25000ل.س إلى 60$، يقول (عبد الله) الذي كان يعمل في مجال البناء وتوقف عن العمل منذ 7 أشهر: “بعد عجزي عن تأمين مكان في أحد المخيمات، وفي ظل انعدام الدخل، قمت بشراء خيمة ونصبتها بالقرب من مخيم في بلدة باريشا، وبالتالي استطعت توفير قيمة الإيجار لشراء المستلزمات اليومية من خبز وطعام لأطفالي، حيث إن ثمن الخيمة التي قمت بشرائها تعادل قيمة الإيجار الذي كنت أدفعه كل شهر”.
بيانات عدة صدرت مؤخراً من قبل الجهات المعنية والمجالس المحلية في الشمال السوري لتحديد قيمة أجور المنازل والمحلات التجارية، لكنها لم تجد آذاناً صاغية لدى من يصفهم الأهالي بالمستغلين الذين وجدوا في معاناة وتشرد المهجرين باب رزق لهم.
وبالرغم من رفع قيمة الإيجار بشكل عام، إلا أن هنالك عدد كبير من الأهالي اللذين قدروا معاناة الوافدين قسرًا من مناطقهم، ففتحوا أبواب منازلهم على مصراعيها دون أي مقابل، أو بأجور رمزية وذلك حال (أبو عبد الكريم) الذي قال: “وضعي المادي ميسور، وأملك شقتين في مدينة إدلب، وقد قمت بإيواء عائلتين من العوائل المهجرة دون أي مقابل، فجميعهم أخوتنا وكلنا معرضون للمرور بتلك المحنة التي يعانون منها”.
أما الحاج (أبو ماهر) فقد قام بتأجير منزله بمبلغ قدره 10000الآف ل.س وهو رمزي بالمقارنة مع باقي الأجور، وسوف يبقى على هذا السعر حتى لو انهارت العملة بشكل كامل” وفق قوله.
معاناة كبيرة يعيشها المهجرون بفعل قصف قوات الأسد وروسيا، ولعل الحل الوحيد يكمن في أن يشعر أصحاب البيوت والمكاتب بإخوانهم المهجرين، بالإضافة إلى التعاون والإيثار كما فعل الحاج أبو ماهر، وأبو عبد الكريم.