لا يمكن لنا القبول بعد مرور نصف عقد على الثورة السورية بتكرار أخطاء البدايات، فالتضحيات التي قدمها الثوار توجب علينا أن نكون أكثر حرصاً فيما هو قادم، أن نقوم بمراجعة حقيقية لكل شيء بعيداً عن تقديس القديم فقط لقدمه، أو لأنه ذلك الشيء الذي بدأنا به، أو لأن دماء الشهداء قد بُذلت في سبيله .
فأمانة هذه الدماء هي أن نبحث عن الصواب دائماً، أن نكون ثابتين على جميع المبادئ الصحيحة التي ضحوا من أجلها، وأن نراجع جميع خطواتنا الخاطئة حتى لا يموت في سبيلها شهداء آخرون .. بعيداً عن الهدف الحقيقي في تحقيق الحرية والكرامة لوطننا السليب .
كثير من الأمور أصبحت تكتسب قداسة غير قابلة للمراجعة عند مختلف أطياف شعبنا السوري، فقط لأنها كانت جزءاً من البدايات، فقط لأن هناك من مات لأجلها، فقط لأنها ذكرى لا نريد تشويهها، حتى ولو كانت أداة لتدمير وطن .
الثورة ليست صنماً يعبد، ليست شيئاً نقدسه دون أن ندري لماذا، ليست شيئاً نجيب على تساؤلاته بأننا وجدنا آبائنا على أُمةٍ، وأننا على آثارهم مهتدون ..
الثورة أداة تغيير مستمر، أداة للبحث عن الحقيقة والعدل والكرامة، أداة تلهم الأجيال من أجل تحقيق النصر الكبير الذي نحلم به، والذي نحدده نحن لا أحد سوانا .
الثورة أداة، وستبقى أداةً نستخدمها في سبيل قضيتنا العادلة، نحن من صنعها، ونحن من يمتلك قوة تحريكها، لذلك علينا أن نكون حذرين جداً، أمام من يسعى لجعلنا عبيداً لها ومقدسين لكل ما جاءت به دون وعي وتفكير ومراجعة .
الكثير ما زال صحيحاً، والكثير جداً ما زال ملائماً لإكمال النضال، ولكن لابدّ من تحديد هذا الكثير، والتخلي عمّا يمكن أن يكون سبباً في تأخّر نصرنا مهما كان قليلاً، بعيداً عن الإتباع الأعمى .
ثورة في عامها السادس .. تستحق أن تجيد الكلام
المدير العام / أحمد وديع العبسي