لم تعد الأرقام ترافق جنيف، فجنيف3 يمتد بحسب معدّيه على جولات كثيرة بغية إيجاد حل للأزمة السورية كما يتم تسميتها، حل ينبغي أن يرضي جميع الأطراف، بحضور وكلاء عن كل طرف للتفاوض الذي لم يبدأ بشكل مباشر حتى الأن .
يتفق الكبار على الحلول ويتم إملاؤها على المتفاوضين ويبدأ السجال على التفاصيل، بحيث يحصل كل طرف على أكبر قدر من المكاسب، لتحصل في بعض الأحيان تغييرات لم تكن بالحسبان تعيد مرحلة التفاوض إلى نقطة الصفر عند اللاعبين الكبار.
ما أقوله ليس تنظيراً بل حقيقة تتم كل يوم خلال الأسابيع الماضية، فجنيف هي مكان لعقد الصفقات الجاهزة عادةً، ولكن يبدو أن هذه المرة لم تجرِ الرياح كما تشتهيها القوى الكبرى، فالمشهد السوري أشد تعقيداً من أن يتم حلّه على طاولات مربعة الشكل في قاعات ذات تكييف عالي، يبعد عن الحضور حرارة الحرب التي لم توقف الهدنة إلا بعض مظاهرها، بينما اشتدت في مناطق أخرى، وأدخلت لاعبين جدد على الساحة .
سنشاهد مرحلة طويلة من جولات جنيف الثالثة، وستترافق قريباً مع تحركات على الأرض ربما تجبر الروس على العودة أو على التخلي نهائياً عن الأسد، فممثلي الشعب السوري حاضرين بقوة هذه المرة على مختلف الجبهات السياسية والعسكرية، وهم على جاهزية لبدء معركة طحن العظام القادمة .
لم تشهد الساحة السورية هذا المستوى العالي من التنسيق بين مختلف مكونات الثورة، لذلك يحق لنا التفاؤل بصنع الحلول، كما يحق لنا أن نكون أكثر تلاصقاً وتناغماً وتوحداً، وأن لا نلتفت للدعاية المغرضة التي تحاول صنع الانقسام، فقد آن الآوان ليكون للسوريين كلمة واحدة في مواجهة عدوهم .
الكل معرض لأن يكون مخطئاً في وقت ما، ولكن حذار من أن نوجه الضربة القاضية لبعضنا البعض عند حدوث أخطاء، بل يجب العمل بجدية على تلافيها، ومحاولة فهم الظروف التي قد توصل إليها مستقبلاً من أجل تفاديها معاً في المرات القادمة .
معاً وليس بعد أن نُقصي بعضنا البعض، فالوطن لن يكون يوماً أنت وحدك فقط . وكما أخطأ غيرك، قد تخطئ أنت يوماً ما، فاحفظ لنفسك وجودك بعد ذلك اليوم بإعانة إخوانك المخطئين على استمرار وجودهم اليوم .
الخطأ وليس الجريمة ..
المدير العام / أحمد وديع العبسي