ندى اليوسف |
بعد أن أصبحت المدارس تغص بالنازحين نتيجة تقدم قوات النظام وميليشياته خلال الأشهر السابقة لم يكن أمام الكوادر التعليمية في ريف إدلب الشمالي إلا اللجوء إلى البدائل كي لا تتوقف العلمية التعليمة، فالمجلس المحلي في (ملس) لجأ إلى الجوامع كي لا تتوقف العملية التعليمية.
صحيفة حبر التقت (ياسين نداف) مدير مدرسة (ملس) للذكور الذي أوضح سبب توجههم إلى التعليم في المسجد قائلاً: “انتقلنا إلى التدريس في المسجد بسبب امتلاء المدارس بالأخوة المهجرين، كي لا نمنع أبناءنا الطلبة من أبسط حقوقهم (التعليم)، والفكرة أشار بها أبو البراء التابع لوزارة التربية”. وعن الصعوبات التي يواجهونها أثناء تعليمهم في المسجد قال (نداف): “لا يمكننا استيعاب عدد كبير من الطلاب، لذلك ندرسهم على دفعات، بالإضافة إلى قرب الحلقات من بعضها مما يسبب تشويشًا على الطلاب في استيعابهم للدروس”.
وختم (نداف) كلامه: “مستمرون بالإعطاء في المسجد ريثما يتم إفراغ المدارس من المهجرين”.
(جميل اللاطة) مدرس اللغة الإنكليزية قي مدرسة (ملس) تكلم لحبر عن صعوبة التدريس والمشاكل التي واجهته هو وزملاؤه: “لقد توجهنا للتعليم في المدارس بسبب امتلاء المدارس بالمهجرين رغم الصعوبات التي نعانيها من نقص مواد دراسية وكتب ودعم، ففي المسجد لا يوجد غرف صفية منعزلة، فلجأنا إلى تشكيل حلقات مؤلفة من مجموعة طلاب وإعطاء دروس وجيزة ومختصرة تلائم الوقت، لأننا ملتزمون بأوقات الصلاة في المسجد، باستثناء مقاطعة الدرس أثناء وجود جنازة، وحدث ذلك عدة مرات”.
ثم أردف (اللاطة): “رغم كل هذه الصعوبات تبقى المساجد المكان الذي لم يتبقَ سواه لاحتواء طلبتنا، وعدم انقطاعهم عن دروسهم”.
رغم أن للمعلمين معاناة بسبب ذلك إلا أن المعاناة الأكبر كانت للطلاب، الذين عانوا من صعوبات كبيرة ولاسيما في استيعابهم للدروس.
(أحمد) طالب في الصف الثامن وصف لحبر معاناته هو وزملاؤه جراء تلقي دروسهم في المسجد إذ قال: “نعاني أنا وزملائي الطلاب من استيعاب المعلومات وذلك بسبب الضجة التي تحدثها باقي الفئات، بالإضافة إلى الكم القليل من الدروس وذلك بسبب عدم التزام بعض المعلمين ومحدودية الوقت وتوقفنا عن الدروس أثناء الجنازات، وعن أكثر المعاناة تحدث أحمد: “في المسجد لا مقاعد نجلس أو نكتب عليها، إذ إننا نتلقى دروسنا جالسين على الأرض، إلا أننا رغم ذلك مستمرون ولن نتوقف عن التعليم”.
هذا ولم يُعطَ الطلاب جميع المواد، بل اقتصرت على المواد التي يلقيها أساتذة ذكور دون الإناث لصعوبة توجههنَّ إلى المسجد فكان ذلك معناة لهنَّ.
(رهف) معلمة التاريخ في مدرسة (ملس) تحدثت لحبر عن معاناتها بسبب انقطاعها عن التدريس إذ قالت: “مع انتقال الطلاب إلى المسجد توقفت عن التدريس بسبب صعوبة ذهابي إلى المسجد، فإعطائي في المسجد أمر محرج للغاية لكوني فتاة”. وتأمل رهف: “بأن تتحسن الظروف وتعود إلى وظيفتها وطلابها فقد اعتادت عليهم والانقطاع عن التدريس يسبب لها الانزعاج والتوتر”.
هذا وأعرب الأهالي عن امتنانهم على هذه الخطوة الجيدة التي على الرغم من صعوباتها إلا أنها تبقى أفضل من التوقف عن الدراسة.
(إبراهيم) أخٌ لأحد الطلبة أبدى رأيه حيال هذه المبادرة بقوله: “كانت مبادرة ممتازة وأشكر القائمين عليها، فقد مكنت الطلاب من إكمال تحصيلهم العلمي وكانت فكرة مستنبطة من القرون الأولى عندما كانت المساجد مركز التعليم “.
إلا أنه ومن ناحية أخرى وضَّح: “بأن هنالك جوانب سلبية عديدة منها عدم اعتياد الطلاب على هذا الأمر، فقد اعتادوا الجلوس على المقاعد، إضافة إلى عدم جاهزية المسجد لمثل هذا الأمر”. وختم قوله: ‘إنني أتمنى بأن تتسع هذه المبادرة لتشمل باقي القرى بدلاً من التوقف عن العملية التعليمية”.