دعاء عبد الله |
على مبدأ “الحاجة أم الاختراع” تأتي مبادرات السوريين في أحلك الظروف التي يمرون بها لا سيما في المخيمات وتحت أغصان الزيتون.
ومن الحاجة إلى التعليم وأهميته وُلدت مبادرة (مدرستي خيمتي) التي أطلقها مجموعة من المعلمين إثر نزوحهم من مناطقهم إلى مدن وبلدات الشمال السوري خوفًا من تفشي الجهل بين الأطفال الذين حرموا من حق التعليم بسبب العملية العسكرية التي شنها النظام السوري ومليشياته وروسيا، واستهدفهم بشكل أساسي المدارس والمشافي.
أتت فكرة (مدرستي خيمتي) من موجة التهجير الأخيرة التي شهدتها المنطقة المحررة، لجأ الناس إلى المخيمات في الشمال السوري ضمن ظروف صعبة وبرد قارس، جعلت الأهل والقائمين على المخيمات ينشغلون بتأمين المأوى والطعام والشراب، بينما لم يُعطَ التعليم حقه، فكانت مبادرة (مدرستي خيمتي) لتسليط الضوء على تعليم الأطفال بالمتاح.
تقوم المبادرة على استهداف الطلاب من سن 7 سنوات حتى 12 سنة، ففي كل مخيم هناك أطفال في سن الدراسة، وهناك معلمون أو مثقفون، فيتم جمع الطلاب وتنظيمهم في حلقات حسب المستوى الدراسي ويتوزع المعلمون على تلك الحلقات، فيكون لدينا أربعة مستويات للطلاب.
وقد انطلقت المبادرة في مخيم قريب من (كفرجنة) التابعة لمدينة عفرين من خلال مواد هي (مبادئ القراءة والكتابة، والحساب، والقرآن الكريم، والإنكليزي، وأنشطة دعم نفسي اجتماعي).
و(مدرستي خيمتي) مبادرة تعليمية ما تزال في بداية انطلاقها تسعى لأن تكون نواة لتعليم الأطفال في المخيمات التي تفتقر إلى أدنى المستلزمات، ويكون فيها الهدف الأول للمنظمات تأمين المواد الغذائية والصحية لسكان المخيم مع إهمال واضح للجانب التعليمي عدا وجود جهود بسيطة لبعض المنظمات في تأمين مدارس متنقلة بين المخيمات تقوم بنشاطات تعليمية متفرقة.
كما أنشأت وزارة التربية والتعليم مؤخراً عدداً من المدارس في المخيمات لكن كثرة المخيمات وعشوائيتها في الفترة الأخيرة يستدعي المزيد من الاهتمام وتقديم الدعم من كافة المنظمات والمهتمين لهذه المبادرات.
ويرى (عبد الله درويش) مدير مؤسسة الشباب التعليمية الذي أطلق فكرة المبادرة أن “هذه المبادرة مهمة وإيجابية ومثمرة، كون المخيمات بعيدة عن المناطق السكنية والكوادر متفرقة، ولا تستطيع الجهات المهتمة بالتعليم بتغطية المخيمات، فكان الجهد من أصحاب المخيمات والطلاب لا يحتاجون التنقل أيضًا لأنهم من أصحاب المخيمات.”
أما (أحمد محمود) أحد المعلمين المتطوعين فيقول: “إن هذه الخطوة متميزة والأطفال مسرورون بها جدًا وهم يتفاعلون مع المواد التي نقدمها.”
ويضيف أحمد: “مايزال العمل في بدايته، نحتاج التعاون في تأمين خيم تعليمية والقرطاسية ومكافآت للطلاب والمعلمين حتى يستمر العمل ويثمر”.
وفي آخر الإحصائيات بلغ عدد الطلاب المهددين بالحرمان من التعليم في الشمال السوري نحو 500 ألف طالب، وتضم تريبة حلب تضم قرابة 90 ألف طالب وطالبة، ومديرية تربية إدلب 400 ألف طالب وطالبة.
كما بلغ عدد العاملين المتضررين من انقطاع الدعم الذين يعملون بدون رواتب 10850 شخصًا، موزعين على النحو التالي: 3500 شخص في حلب، و7200 في إدلب، وهذه الإحصائيات كانت قبل موجة النزوح الأخيرة، ممَّا يعني تضاعفًا في الأعداد، وتبدو هذه المبادرات الحل الأمثل للتخفيف من خطر الجهل على الأطفال السوريين.