جاد الغيث |
مع بداية عام 2020 كثفت قوات نظام الأسد وروسيا قصفها الهمجي على العديد من المناطق في ريفي حلب وإدلب ممَّا أجبر أكثر من مليون نسمة على النزوح لمناطق أخرى أكثر أمنًا.
مناطق درع الفرات وغصن الزيتون استقبلت ما يزيد عن (400) ألف نازح وفقًا لإحصائية (منسقي الاستجابة)، ممَّا أدى إلى ظهور أزمة حقيقية في السكن، وبطبيعة الحال انعكست هذه الأزمة على طلاب الجامعات والمعاهد في الشمال السوري.
بيوت الطلبة اكتظت بالنازحين، فكثير من الطلاب الشباب اضطروا لاستقبال عائلاتهم في بيوت السكن الشبابي التي يعيشون فيها ريثما تجد العائلة بيتًا للسكن، وحتى اليوم ماتزال معاناة الطلبة قائمة بسبب ارتفاع إيجار البيوت، يضاف إلى ذلك المهمة الشاقة في العثور على بيت للإيجار.
ولأن (المشقة تجلب التيسير) فإن فريق (أثر الشباب التطوعي) في مدينة (أعزاز) راح يبحث عن حل للمشكلة، ومن هنا ولدت فكرة مبادرة (قوم دروس … الأسد بدو دوس).
صحيفة حبر التقت ثلاثة شبان من (فريق أثر الشباب) وسلطت الضوء على نشاطات الفريق المتعددة، في البداية سألنا مدير الفريق (أحمد ديوك) 21 عامًا سنة ثالثة في كلية التربية، عن بداية الفريق وأهدافه وعدد أفراده، فكان جوابه:
“فريقنا مكوَّن من شباب جامعي هدفه الأول تلبية احتياجات الشباب ومناصرة قضاياهم، ونركز على دعم حقوق الطفل من خلال أنشطة نقوم بها بالتعاون مع منظمات تهتم بالأطفال، وأكبر قيمة نريد التركيز عليها تعزيز ثقافة التطوع وأثره في المجتمع.
بدأنا في الشهر العاشر لعام 2019 بثمانية أعضاء، واليوم عدد أفراد الفريق تجاوز اثنين وعشرين عضوًا، ونعتمد على تمويل نفقات الفريق من مدخراتنا الشخصية، ومساعدة بسيطة من أهل الخير.”
وأما عن فكرة المبادرة والخطوات العملية المتخذة لحل مشكلة الدراسة أجاب الشاب
(علي إسماعيل) 20 عامًا طالب في السنة الثانية أدب عربي: “فكرة المبادرة انطلقت من صلب المشاكل التي نعيشها نحن الطلاب الجامعيين، أنا شخصيًا طالب مُهجَّر من ريف حلب الغربي وأسكن حاليًا في (أعزاز) مع عشر طلاب في بيت من غرفتين صغيرتين، في الطريق كثيرًا ما كنت أجد طلابًا يدرسون في أماكن عامة، لذلك قررنا البحث عن أماكن مناسبة للدراسة ونتشارك مع زملائنا لإيجاد حل لهذه المشكلة وهي عدم وجود مكان ندرس فيه، فبدأنا بزيارات المراكز التدريبية والثقافية في مدينة أعزاز، وتم توقيع مذكرات تفاهم مع هذه المراكز لتأمين قاعة مناسبة وهادئة مع بعض المستلزمات الضرورية لاستقبال طلاب الجامعات في المدينة وريفها، وبلدة مارع والقرى المحيطة بها أيضًا، وذلك على مدار خمسة أيام في الأسبوع.
كما أنشأنا صفحة على الفيس بوك تحمل عنوان المبادرة، وهناك رقم للتواصل ومساعدة الطلاب الجامعيين للعثور على مراكز قريبة منهم للتوجه إليها والدراسة فيها.”
قد يبدو اسم المبادرة غريبًا أو طويلاً، لكن لدى الشاب (عبد الملك الشاوي) 19 عامًا سنة ثانية أدب إنكليزي حدثنا عن وجهة نظر الفريق لاختيار اسم المبادرة، بقوله: “من وجهة نظرنا، نحن الجامعيين، شباب فإن المقاومة بالسلاح تقهر النظام على المدى القريب، ولكن متابعة الدراسة والعلم والثبات ومواجهة المصاعب هي التي تقهر نظام الأسد على المدى البعيد، الشباب يعيشون ظروفًا مأساوية منذ تسع سنوات، ولكن مازلنا نتابع الدراسة والعمل ونقوم بنشاطات متعددة لإضافة معنى حقيقيًا لحياتنا الصعبة، من هنا جاء اسم المبادرة (قوم دروس …الأسد بدو دوس)، لأن الأسد لا يداس إلا بسلاح العلم والتوعية، لذا علينا الدراسة في أحلك الظروف وإيجاد الحلول والمتابعة.”
كلما اشتد سواد الليل كلما زاد إصرار الشباب على إضاءة مصابيح الأمل لغد سيكون مشرقًا بفضل جهودهم ومثابرتهم، فالعمل واجب الجميع، والأفكار نبع لا ينضب، والطموح لا حد له، وأثر الشباب لا يزول.