دلال الياسين |
يكافح سكان إدلب لتحقيق أهداف الحرية والنهضة المجتمعية التي نادوا وآمنوا بها مع مطلع الثورة السورية، وكانت الثقافة والقراءة حاضرة منذ البداية كوها وسيلة وغاية لتحقيق الأهداف المنشودة.
بجهود فردية وتبرعات شخصية ونظرةٍ مليئة بالتحدي، وفي مناسبة الذكرى التاسعة للثورة السورية تم افتتاح مكتبة أهلية وثقافية أطلق عليها اسم (درب المعرفة) في مركز جسر المستقبل في مدينة (جسر الشغور) بريف إدلب.
نذير العبدو (29 عامًا) مدير مركز جسر المستقبل يقول: “بعد انخفاض مستوى التعليم بشكل عام ومستوى القراءة بشكل خاص، وتدني الثقافة، وتشتت الأفكار والإدمان على المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي في المناطق المحررة، كل ذلك أدى إلى ظهور جيل من الأطفال وحتى اليافعين لا يعرفون القراءة ولا الكتابة.”
ويكمل العبدو: “إيمانًا منّا بأهمية القراءة ونشر ثقافة المطالعة المثمرة، كونها وسيلة للتقدم والرقي والمعرفة والازدهار في المجتمعات، عملنا على إطلاق حملة الكتاب للجميع، وهي مبادرة أطلقها نادي الثقافة في المركز للمساهمة في إنشاء أول مكتبة مجتمعية للأهالي في المدينة.
ويتابع العبدو: “نعمل على جمع الكتب عن طريق التبرعات التي تم الإعلان عنها في وقت سابق، وقد وصل عدد الكتب لأكثر من 1500 كتاب في فترة زمنية قصيرة وقياسية، وباب التبرع مفتوح حيث يتم ترتيب وفرز الكتب للقراءة، وتهدف المكتبة إلى جذب أكبر عدد ممكن من القرّاء، وجعل الكتاب هو الهدف الأساسي لرواد المكتبة، إذ تضم الحملة العديد من الأنشطة والخدمات، كالأنشطة الشعرية، والأدبية، وتقديم المواهب الشابة للجمهور، وعرض الأفلام الثقافية والتاريخية ومناقشتها، بالإضافة إلى أنشطة خاصة بالأطفال تحت مسمى (القارئ الصغير).”
(ختام الجاني) منسقة النادي الثقافي في جسر المستقبل، وهي من إحدى المتطوعات في المكتبة تعبر عن سعادتها بافتتاح المكتبة وتقول: “نعمل على ترتيب وتنسيق الكتب ضمن نظام معين، الكتب التاريخية في قسم، والروايات في قسم آخر، أما العلوم والفلسفة فلها زاوية مخصصة، بحيث يسهل على القرَّاء إيجاد كتبهم المفضلة عن طريق ترتيب الكتب والقسم الموجود فيه الكتاب، إذ إن الكتب تقدم للقارئ مجانًا.”
وتوضح الجاني: “الهدف من المبادرة إعادة إحياء أهمية الكتاب، وذلك بعد أن عزف الشباب عن القراءة بسبب وجود الأجهزة الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.
الكتب الموجودة في المكتبة تضم أقسامًا تاريخية، اجتماعية، دينيّة، سياسيّة، اقتصاديّة، تنمويّة وروايات، وقصص للأطفال، يتم استعارتها بشكل مجاني وقراءتها ثم إعادتها إلى المكتبة.”
لاقى المشروع إقبالاً كبيرًا من الأهالي الذين شجعوا على مثل هذه المبادرات الشبابية الهادفة كونها الأولى من نوعها في المنطقة، إذ تتيح للشباب فرصة القراءة، ولاسيما وأن أسعار الكتب مرتفعة، إذ لا يستطيعون شراءها من المكتبات بسبب الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة.
وتختم الجاني: “نأمل أن تزداد أنواع الكتب وأعدادها لنتجاوز النقص المعرفي، لبناء البنية التحتية الثقافية المتضررة، ونفخر بما توصلنا إليه من جهود في المركز إلى الآن في ظل ظروف الحرب وعدم الاستقرار.”