حبر – وكالات
أثارت تسريبات وثائق “بنما” اهتمام الرأي العام العالمي والعربي، إذ إنَّها تكشف وثائق على مدى ٤٠ عاماً بين فتره ١٩٧٧ إلى العام ٢٠١٥، وشملت حوالي 11 مليون وثيقة مالية تمَّ تسريبها تُظهر تورط أكثر من 100 شخص في حكومة روسيا، وعدد كبير من ساسة العالم بتهريب الأموال، والتهرب من الضرائب وتبييض الاموال.
وتشمل الوثائق أيضا 33 شخص على الأقل، وشركات وُضعت على لائحة العقوبات من قبل حكومة الولايات المتحدة، بسبب وجود أدلة على نشاطاتها المخالفة مثل التعامل مع مافيات المخدرات المكسيكية ومنظمات إرهابية مثل حزب الله أو الدول المارقة مثل كوريا الشمالية و إيران.
شركة “موساك فونيسكا” الرائدة في مجال الخدمات القانونية، كانت تخفي العديد من هذه الملفات وتتستر على عمليات تتضمن سرقات بمليارات الدولارات لذوي الياقة البيضاء من سياسين وغيرهم، لما تتميز به من إحاطة عملياتها القانونية بالسرية تامة.
ومن أبرز الشخصيات التي كشفت الوثائق فسادها المالي واستغلالها السياسي هم الرئيس بوتين، والرئيس مبارك، ومعمر القذافي، والرئيس بشار الأسد وأسرته الحاكمة بنظام العصابات في سوريا.
فقد أوردت إحدى الوثائق أنَّ رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد قد أسس شركة سيرياتيل لاتصالات الهاتف المحمول، حيث حصل على 10% من أرباح تشغيل الشبكة، ومن جهة أخرى على 63% من شركة “دركس” الوهمية التي أسسها في بريطانيا، محققاً بذلك نسبة أرباح ضعفي ما تحصل عليه الحكومة السورية من هذا القطاع حتى هذه اللحظة.
وقد ذكر في وثيقة أخرى اسم العميد حافظ مخلوف شقيق رامي مخلوف الفار إلى بيلاروسيا وبحوزته 4 مليون دولار مسحوبة من حسابات سويسرية إثر صراعات وخلافات داخل الأسرة، وقد كان يشغل منصباً استخباراتياً لتسهيل سرقات أخيه وتمكينه من مفاصل الدولة من خلال ما لأسرتهما من نفوذ سياسي وأمني أسهم إلى حد كبير في الإطباق شبه الكامل على موارد الدولة الاقتصادية والاستثمارية.
أمَّا الرئيس بوتين الذي بات بحسب هذه الوثائق رائد الفساد الأول عالمياً، فقد كشفت الوثائق عن صفقات في الخارج وقروض مالية تبلغ قيمتها ملياري دولار تشير إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالإضافة الى شرح لكيفية وصول أفراد من دائرة بوتين إلى الثراء الفاحش، ومن بينهم ما يقارب 100 شخصية في حكوماته السابقة، وقد استخدم في العقود والصفقات أسماء هذه الشخصيات إلا أنَّ اسم بوتين لا يظهر في الوثائق، بيد أنَّ الوثائق تكشف أنَّ دائرته المقربة ربحت ملايين الدولارات من صفقات لا يمكن أن تتم دون رعايته وموافقته”.
وقد بينت الوثائق أنَّ أسرة بوتين انتفعت أيضاً من هذه النقود، فهي تشمل معلومات عن منتجع خاص للتزلج شهد عرس كاترينا “الابنة الصغرى لبوتين” عام 2013، وتشير وثائق بنما إلى سيرغيه رولدوغين، الصديق المقرب لبوتين، ورولدوغين هو الذي عرف بوتين على لودميلا التي تزوجها لاحقاً، كما أنَّه الأب الروحي لابنته الكبرى ماريا، وتوضح الوثائق أيضاً أنَّ رولدوغين، وهو عازف موسيقي، يسيطر على أصول طائلة تقدر قيمتها بمئة مليون دولار على الأقل.
وتشير الوثائق إلى أنَّ رولدوغين يمتلك 12.5 في المئة من أسهم أكبر شركة للدعاية التلفزيونية في روسيا، والتي تبلغ أرباحها السنوية نحو 800 مليون دولار”.
ولم يتم الكشف بعد عن الوثائق التي تخص إمبراطور الغاز الروسي الرئيس مدفيديف الذي يعتقد أنَّ ثروته لا تقل كثيراً عن ثروة بوتين.
يذكر أنَّ البحث في الوثائق ما زال جارياً، ولن ينتهي في الأيام القليلة الماضية، وقد تتكشف حقائق كثيرة ربَّما تطيح بسياسيين ورجال أعمال كبار في العالم.
أمّا في عالمنا العربي فلا تغدو الوثائق أكثر من دليل إضافي على أدلة كبيرة للفساد الذي يقوم به الحكام ومن يلوذ بهم، دون أن يؤثر ذلك على نفوذهم ومواقعهم بأي شكل من الأشكال.