إعداد: د. عبد العزيز نتوف
هل تعاني من ضغوط نفسية وأسرية واجتماعية؟ وهل يؤثر ذلك على صحتك البدنية؟
نعم، ذلك سببه هو كبت مشاعرك الداخلية وعدم البوح بها، فالكبت هو عبارة عن ظاهرة لا شعورية يلجأ إليها الإنسان حينما لا يستطيع أن يعبّر عن أفكاره أو مشاعره، أو حينما لا يستطيع أن يتصرّف بسلوك معيّن يرتضيه.
يعتبر علماء النفس أنّ الشخصية غير القادرة على البوح بمشاعرها وتعيش حالة من الكبت هي شخصية غير سليمة تحتاج إلى علاج
ففي وقتنا الحاضر غالباً لا نستطيع التعبير عن مشاعر الحزن والألم والخوف والقلق وعدم الشعور بالأمان والاستقرار والطمأنينة النفسية نتيجة الحرب التي نعيشها، حيث يكون التعبير عن هذه المشاعر متنفساً صحياً لإخراجها من نفوسنا والتخلص من ضغوطها، وإنّ عدم البوح بها وكبتها يعني العيش بآلام نفسية صعبة يكون أثرها على صحتنا الجسدية والنفسية في المستقبل.
ومن مظاهر الكبت ما يلي:
1-التوتر العصبي والقلق النفسي: وهما نتيجة طبيعية لتراكمات (الكبت) الذي يمثّل ضغطاً نفسياً وعبئاً كبيراً فوق طاقة الفرد.
2-المشكلات الجسدية: وهي ناتجة عن التوتّر العصبي والقلق الذي يتسبّب الكبت في إبرازها بأشكال مختلفة، مثل القولون العصبي والمشكلات الهضمية والأرق وآلام الظهر وضغط الدم والذبحة الصدرية والمشكلات الجلدية واضطراب الذاكرة والأزمة الربوية وتساقط الشعر واضطرابات الدورة الشهرية والتهاب المفاصل.
3-الخجل والخوف: فبعض الأفراد حينما يكبتون أفكارهم ومشاعرهم ولا يستطيعون أداء بعض ما يحبون من أعمال فإنَّهم ينغلقون على أنفسهم ويرفضون الاندماج مع الآخرين.
4-التمرّد: هنالك بعض الأفراد لا يخفون رؤوسهم حينما يتعرّضون لقمع أفكارهم ومشاعرهم واحتياجاتهم المادية، بل يبالغون في ردود أفعالهم، فتراهم يتمرّدون ويتصرّفون باستهتار ورغبة في تدمير الآخر.
5-الخلافات الشخصية: تكثر الخصومات والمشاحنات والمشاجرات والتفكّك والعداوة والبغضاء والحسد حينما يشعر الفرد بوجود آخر يكبت أفكاره ومشاعره واحتياجاته المادية؛ لذا لا نعجب حينما نجد من شخص ما انفجارات أشبه بالحمم البركانية في محيط العمل أو الأسرة أو المجتمع لتكون ساعة الصفر التي حانتْ بعد تراكمات من القهر المتواصل.
6-الانحرافات والجرائم الخلقية: كثيراً ما نجد السرقات والكذب ومظاهر استهتار الشباب من قيادة متهوّرة أو محاولة لجذب اهتمام الآخرين أو تخريب أو إدمان على المخدّرات والكحول ونحو ذلك من الانحرافات التي يكون الكبت سبباً رئيساً في إبرازها إلى حيّز الوجود.
الانفعالات كالغضب والإحباط والحزن جزء أساس وضروري من طبيعة الإنسان، فهي تمثل نظام إنذار له يقوم العقل فيه بإخباره أنَّ هناك شيء ما خطأ ويحتاج إلى تغيير.
الذي يجعل الانفعالات سلبية هو طريقة تعاملنا معها…الانفجار في حالة الغضب والاتجاه لمهاجمة الآخرين أو الانطواء في حالة الحزن وجعل الأحزان تنهش الجسد هو ما يجعلها سلبية.
فهل طريقتي في التعبير عن مشاعر الخوف والحزن والغضب وعدم الشعور بالأمان سليمة؟
وكيف نعبر عنها بطرق صحيحة؟
فيما يلي بعض الأساليب للتعامل الإيجابي مع الانفعالات القوية التي قد يعاني منها الإنسان بما يجنبه الآثار السلبية لكبتها بداخله ويحولها لطاقة إيجابية منتجة.
يجد البعض أنّ الصراخ و البكاء مفيد في هذه الحالة، فقد لاحظت” ريما ” أنَّ الصراخ في مكان لا يوجد به مارّة عند شعورها بالغضب الشديد مفيد جداً.
ويجد البعض الآخر أن ّ تفريغ شحنات الغضب في نشاط رياضي عنيف بعض الشيء يساعد كثيراً.
والمشي في الهواء الطلق طريقة ممتازة، و الدخول في غرفة لوحدك والتأمل أو الاسترخاء،
والتحدث مع شخص تحبه وتثق به ويشعرك بالأمان يساعد في ذلك.
الذهاب في نزهة إلى الطبيعة، كالجلوس قبالة شاطئ البحر، والاستمتاع بمنظر غروب الشمس على سطح البحر مثلاً.
هنا فكِّر في حياتك…استعرض الأشياء الجميلة والنعم التي أنعم الله بها عليك…قارن نفسك بمن مصابهم أكبر من مصابك…فهذا سيخفف كثيراَ، وثق بأنَّ المصاب مهما عظم واشتدّ سيزول بإذن الله، وأنَّك ستنسى تدريجياً
أسأل الله عز وجل ألا يجعل للأحزان طريقاً إلى نفوسكم …وأن تكون حياتكم مفعمة بالانشراح والسعادة…