المعتصم الخالدي |
“عَيشُ اليوم حلم الغد” هو الشعار النبيل الذي رفعه كادر نادي (بسمة نور التعليمي الترفيهي للأطفال) وهو فريق تطوعي شاب يصمم على طبع البسمة على وجوه أطفال أتعبتهم الحرب وهجرتهم.
تجولت في أرجاء المخيم وبين طرقه الترابية، وشاهدت أطفالاً بعمر الورود يلعبون ويضحكون ويدرسون في الخيم.
(مخيم الرحمة) الواقع في مدينة حزانو في ريف إدلب، الذي تقطن فيه عائلات تهجرت نتيجة فترة التصعيد الأخيرة، يضم أيضًا نادي (بسمة نور) المُكوَّن من عدد من الخيم التعليمية التي تُؤوي أطفالاً وتقدم لهم أنماطًا تعليمية ومناهج مدرسية تتناسب مع أعمارهم، ممزوجة بالترفيه والرياضة والنشاط وبإمكانيات بسيطة وصغيرة.
صاحب فكرة إنشاء خيم تعليمية الأستاذ (مازن المسموم) مهجر من حمص، تحدث إلى حبر عن الفكرة بقوله: “خطرت الفكرة عندما بدأنا بزيارة ذات طابع إنساني إلى مخيم (باتنتة) شرق معرة مصرين، كان مخيمًا عشوائيًا وغير مخدم، قدمنا لما يقارب 85 طفلاً حقائب مدرسية، ومن ثم فكرنا جديًا في إنشاء مدرسة تقدم للأطفال تعليمًا جيدًا وتحميهم من التسرب، وكوننا نتمتع بتجربة مماثلة في حمص استطعنا تنفيذ المشروع والبدء به.”
يضم النادي 160 طفلًا موزعين على تسع خيم صفية، يتلقون فيها كافة أشكال التعليم للمرحلة الابتدائية بالإضافة إلى نشاطات وهوايات أخرى.
يضيف السيد مازن: “كانت البداية من حزانو، حيث تعاون معنا المجلس المحلي فيها مشكورًا بمنحنا قطعة أرض بمساحة صغيرة لنصب الخيام التعليمية، وتم الافتتاح يوم 15 آب من العام الماضي، بحفل مسرحي شارك فيه عدد كبير من الأطفال، واجهتنا صعوبات من حيث طبيعة المكان والبيئة غير الصالحة للطفل، ونحاول جاهدين التغلب عليها والمضي في رسم بسمة فرح على وجنات أطفال من واجبنا ألَّا تذرف أعينهم الدموع”.
تحدثت إلينا الأنسة (نور) المسؤولة عن الكادر التعليمي والترفيهي في النادي:
“يضم الكادر 12 أستاذًا من أصحاب الكفاءات والخبرات، نقدم للأطفال مختلف النشاطات المدرسية والثقافية، وبالإضافة إلى المواد المنهجية فإننا نقدم لهم نشاطًا مسرحيًا وورشات عن القصة القصيرة، كما نعلمهم على ألعاب رياضية كالشطرنج وكرة الطاولة وغيرها، ونهدف من ذلك إلى رفع القدرة العقلية والبدنية للطفل وتشجيعه على إطلاق طاقاته المحبوسة ومواهبه المكبوتة.
لا شك أننا نعاني نتيجة ظروف الحرب والمخيمات التي تعيش واقعًا كارثيًا، لكن يحذونا الأمل بأن نتجاوز تلك العقبات ونستمر في خدمة الطفل السوري وقضية تعليمه.”
يعيش الشمال السوري واقعًا تعليميًا صعبًا ما يؤثر بالدرجة الأولى على الطفل ويسبب تسربًا وابتعاد الكثير من الأطفال عن مقاعد المدرسة، فمنهم من يحاول إعالة أسرته في ظل انهار الاقتصاد وانتشار الغلاء الفاحش، ومنهم تسببت الظروف المعيشية القاسية بحرمانهم من التعليم وتحصيله، كما يكون لوعي الأهالي دور كبير والذي يغيب عند بعض العائلات للأسف.
كما ناشد السيد (مازن) عبر صحيفة حبر الجهات المهتمة بالتعليم والطفل السوري بمساعدة أطفال المخيمات على أخذ حقهم في التعليم والرعاية، وطالب كل الجهات بتحمل مسؤولياتها تجاه الطفل دفاعًا عن حقه في تعليم ذات سوية جيدة ومجانية تكفل له مستقبلاً مشرقًا وجميلاً في وطنه وبين أهله.
أثناء زيارتي للمخيم تعرفت على صديقاتي الصغيرات (يارا، وروان، وفاطمة) اللواتي كنَّ يلعبنَ بعد حصة رياضيات طويلة ومتعبة، همست لي يارا قائلة: “قبل وجود النادي لم أكن أستفيد من وقتي، كنت ألعب طوال النهار، أما الآن فأنا أدرس وأتعلم.”
فارقتني والابتسامة تملأ وجنتها، وتمنيت لها حياة كريمة ومستقبلًا كبيرًا وأن تكون شمسًا مشرقة على الدوام، هي وكل أطفال وطني الذين سلبتهم الحرب فرحتهم ونغصت عليهم حياتهم، فباتوا لاجئين ومشردين ومهددين بضياع مستقبلهم كما ضيع المغول الأسدي حاضرهم وشردهم من مدنهم وقراهم.
نتمنى أن تكون مبادرة السيد (مازن) وكل المبادرات الإنسانية حجر أساس لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في بلاد منهكة ومحطمة وجريحة.