أميمة محمد |
تشهد أسواق المناطق المحررة في الشمال السوري، ارتفاعًا كبيرًا وملحوظًا في أسعار اللحوم الحمراء ولحوم الدجاج والمواد الغذائية، الأمر الذي أدى إلى جمودٍ في حركة الأسواق، مما انعكس ذلك سلبًا على الأهالي والتجار على حد سواء.
ليصبح حديث الغلاء لا يخلو من جلسات الرجال والنساء، فتكلفة طبخة (المقلوبة) تجاوزت٩٠٠٠ ليرة سورية، بعد أن صار سعر الفروجة الواحدة ٥٠٠٠ ليرة.
لم يعد بإمكان العائلة ذات الدخل الذي لا بأس به السيطرة على الوضع وتأمين مستلزمات البيت كاملةً، فكيف هو حال الفقراء أو من لا يملكون أبسط الإمكانيات؟! بل إن الغلاء لم يقتصر على اللحوم الحمراء والبيضاء، فقد طال أيضًا الخضروات والخبز وكل المواد الغذائية التي لا يمكن الاستغناء عنها، وخاصة قبيل قدوم شهر رمضان الذي تزيد فيه مصاريف العوائل.
صحيفة حبر رصدت سبب الارتفاع في أسعار اللحوم بشكل عام والدواجن خصوصًا، إذ يأتي في مقدمة الأسباب غلاء سعر صرف الدولار الأمريكي الذي تجاوز١٢٠٠ ليرة سورية، وعزوف الناس عن شراء المنتجات المحلية في معظم الأحيان، مستعيضين عنها باللحوم المستوردة الأرخص نسبيًا، التي يأتي في مقدمتها التركي والأوكراني وغيرها ممّا يتم تهريبه بشكل يومي من معبري باب الهوى وجرابلس الحدوديين.
وثمة سبب آخر مهم أكده لنا الطبيب البيطري (محمد الأسعد) المشرف العام على مداجن ريف حلب الغربي، حيث إنه “هناك تراجع بالثروة الحيوانية ومهنة تربية الدواجن، خصوصًا بعد حملة التهجير القسري لأهالي ريف إدلب الجنوبي ومنطقة جبل الزاوية، ما أدى إلى خروج مئات المداجن عن العمل بالمصلحة، بعد استهدافها من قبل الطيران الحربي في الفترات الأخيرة والضرر الكبير الذي لحق بالأهالي، والذي مازالت آثاره حتى هذه اللحظة. “
وأردف (الأسعد) بقوله: “ونتيجة لذلك لا تتوفر الكميات الكافية لسد حاجيات المستهلكين في المنطقة، بالإضافة إلى صعوبة توفير الأدوية بعد إغلاق المعابر مع مناطق النظام، والتكلفة المضاعفة للأعلاف المستوردة من تركيا التي تتراوح بين ٤٢٥ و٤٥٠ دولاراً للطن الواحد. “
في حين إنه لم يكن المتضرر الوحيد في هذه الأزمة هو المستهلك فحسب، بل امتد ليطال مربي الدواجن أيضًا، ليتبين لنا ذلك من خلال ما أوضحه (أبو عمر مسطو) أحد مربي الدواجن في الريف الغربي لحلب، أثناء حديثة (لصحيفة حبر) عن الصعوبات التي يواجهها من غلاء في أسعار الأدوية، والأمراض الكثيرة التي يصاب الطير بها، وخاصة في فترة الشتاء، علاوة على الكميات الكبيرة التي يتم استهلاكها من الفحم الحجري كمادة أساسية لنجاح الدجاج، حسب قوله.
ويضيف (أبو عمر): “نسبة من المداجن التي كانت تقوم بإنتاج اللحوم في الريف الغربي لحلب، قد تم خروجها عن العمل حاليًا نتيجة حركة النزوح التي شهدتها مدينة الأتارب وبلدة قبتان الجبل والقرى المحيطة بها، والتي تمت السيطرة على بعضها من قبل قوات النظام والتقدم نحو البعض الآخر في الشهر الفائت أثناء حركة التصعيد الاخيرة. “
وفي ذات السياق يخبرنا (أبو عبدو الحلبي) أحد أصحاب محلات بيع لحوم الدجاج: “نسبة بيع للحوم الدجاج انخفضت حتى٤٠ %، عن الأشهر الماضية، ويعود ذلك لتدهور الليرة السورية وعدم مساواتها لقيمتها سابقًا، بالإضافة إلى ارتفاع أجور نقل البضاعة من المسالخ المركزية في ريف حلب، بسبب التكلفة العالية للمحروقات، ليبلغ سعر الكيلو الواحد من الدجاج ١٦٠٠ليرة سورية. “
هذا ما دفع بعض العوائل للاضطرار في تقنين استهلاكها للحوم، واتجاه بعضهم الآخر نحو سودة الدجاج، وهي جزء من الدجاج يكون سعره أخفض من لحومها، واللحوم المستوردة ( المجمدة) التي يؤدي عدم حفظها ورقابتها لإفسادها وتسببها بالعديد من الأمراض.
ومن الجدير ذكره أن قطاع الدواجن يشكل إنتاجًا مهمًا في الاقتصاد السوري، بسبب طبيعة البلاد وعوامل الطقس، وتوافر اليد العاملة بكثرة، إلا أن العوائق المتعددة كفيلةً بتراجع ملحوظ لهذا القطاع.