بقلم جنى حمدان
كثيرا ما أتساءل: هل يمكن للإنسان أن يعيش مسالماً خالياً من الأذى، لا يقصد في يومه ودنياه إلا الذي يمكن أن يفرح القلب، ويجعل النفس مطمئنة؟
هل يمكن للإنسان أن يحصّن نفسه من شرور الآخرين، ولا يدعهم يمرون على الخير الذي فيه، ويحولونه إلى أذى في نفوسهم التي ترمي بشرر؟
ما ضرَّ الإنسان لو ترك الآخر يتنفس صباحه، ويتأمل تلك السكينة التي يمكن أن تكون طاقة موجبة، ودافعة؟!
جميل أن يكون الإنسان غير هلوع، ولا جزوع، ولا مَنُوع، جميل أن تكون لأشيائه قيمة في الدنيا، وطعم في الحياة.
ليت الكثير من الناس حينما يستيقظون يتذكرون لون الورد، ورائحة الياسمين، وطعم العسل والرطب، وسرَّ معاني الكلمات حين تقال، كالشكر، والامتنان، وتذكر المعروف والإحسان، وتلك الكلمات التي نعجز عن قولها، فتسبقها دمعة ماطرة من العين.
كثيرا ما أتذكر أناساً التقيتهم وأنا في طفولتي، مثل شخص كان يتبع ظله البارد، مثل شخص لولا هسهسة ثوبه لكان الصمت يسبق خطواته، مثل امرأة كانت تعلمنا، لها من تسابيح الفجر، وندى الليالي العشر، وبشائر الطير حين تحلّ على نافذتك فجأة نصيب، حاملة رزقها، محلقة بحريتها، لقد ذهب أولئك الناس، وبقي مكانهم فارغاً إلا من الذاكرة.
ثمَّة أناس لا يعرفون الأذى، طينتهم الخير، وماؤهم الكوثر، ولو صادفوا الأذى في طريقهم، لتبسموا له وما عرفوه.
هناك أناس غيّبتهم الحياة، وبقيت أصواتهم تطرق السمع، كهديل حمام، فنتذكّر جميلهم، ونذكرهم بالخير، أولئك كانوا من السالكين دروبهم بالبسملة والحمد.