ندى اليوسف |
مع اقتراب موعد عيد الفطر يسعى الأهالي لإحياء هذه المناسبة التي تحل بالمسلمين بعد صوم شهر رمضان، إذ يتميز العيد بعادات وفلكلور خاص به لدى السوريين، ولعل أبرز تلك العادات إبراز السعادة في العيد.
لباس العيد هو أهم ما يتميز به العيد وخصوصًا للصغار ليشعروا في جمالية ورونق هذا اليوم، وقد لازمت هذه العادة المسلمين على طول السنين.
إلا أن تجهيزات العيد أخذت تفقد حماسها شيئًا فشيئًا، ويرجع ذلك إلى النزوح والفقر المدقع وسوء الأوضاع الاقتصادية وانهيار الليرة السورية، وأصبحت العائلة تواجه معاناة كبيرة في تأمين لباس لأطفالها في العيد، وتعُدُّ تلك العائلات أن من الأولى تأمين قوت يومهم على اللباس الجديد.
تحدثنا (أم علي) أرملة نازحة من مدينة معرة النعمان، وعندها ثلاثة أولاد عجزت عن شراء ملابس لهم: “وعدت أطفالي بملابس عيد جديدة، لأعوض يتمهم وأيامهم الصعبة، لكنني لم أستطع شراءها لهم؛ لأن أسعار الملابس مرتفعة جدًا، وأنا لا أملك دخلًا أصرف منه، وإن اشتريت من أقل نوعيات الملابس لن يتبقى لي ما أشتري لهم به خبزًا، ولاسيما أن أخوتي الذين يرسلون لي مصروفي ومصروف أطفالي توقف عملهم بسبب النزوح”.
هذا ويرجع سبب ارتفاع الملابس لأسباب عديدة، أهمها إغلاق المعبر مع النظام، حيث إن أغلب التجار يستوردون بضاعتهم من مناطق النظام، فزاد القائمون على المعبر من تكلفة الجمارك.
(فاطمة) تملك أحد متاجر الألبسة قالت لحبر: “لقد كان إغلاق المعبر وقطع الطريق السبب الأول والرئيس لارتفاع الأسعار، فمع إغلاقه ازدادت تكلفة الجمرك على البضاعة، فعلى الكيس الواحد يأخذون ٢٠٠ ألف، بعدما كانوا يأخذون من قبل ٢٥ ألفًا، وكل هذا يزيد من سعر القطعة مع الاختلاف من بائع لآخر، فالبعض يرضى بالقليل والبعض الآخر يرغب بربح أكثر.
وقد أثَّرت الكثافة السكانية وكثرة أصحاب المهن وزيادة الطلب على المحال التجارية بارتفاع أسعار إيجارات المحال التجارية، بالإضافة إلى تحويل أصحاب المحال إيجارات محالهم إلى الدولار الأمريكي.
تقول (فاطمة): “وأكثر ما يتحكم بسعر القطعة آجار المحل الذي يختلف من منطقة إلى أخرى، ولاسيما أنها بالدولار، فمثلاً في سلقين أسعار الملابس غالية جدًا بسبب غلاء آجار محلاتها”.
احتال بعض الأهالي لإيجاد أشياء بديلة لتأمين اللباس تكون أقل تكلفة من اللباس الجديد المتوفر في السوق، ومناسب لدخلهم وإمكانياتهم.
تحدثنا (أم خالد) أنها “لجأت إلى محل خياطة يحيك الملابس والفساتين بجودة جيدة وسعر مقبول، بعد أن ذهبت إلى السوق ووجدت أسعار الملابس مرتفعة جدًا بشكل لا يتناسب مع حالتها المادية، فأقل فستان تجاوز سعره ٢٠ ألف، فقامت بعملية أقل كلفة ومناسبة لها عندما ذهبت لورشة خياطة يدوية وحصلت على لباسها بنصف سعر اللباس المتوفر بالسوق.”
وتبقى الكثير من العائلات بلا لباس في ظل الأوضاع التي يعيشها الأهالي في المناطق المحررة، فلا يوجد فرص عمل تؤمن قوت يوم تلك العائلات التي عانت ما عانته خلال تسع سنوات من الحرب.
ورَغم بساطة تلك العائلات إلا أنها تحاول جاهدة الاستعداد لاستقبال عيد الفطر بشتى الوسائل المتاحة والإمكانيات المتوفرة بين يديها، علها تنسى مأساة نزوحها وتُدخل السعادة إلى قلوب أطفالها المثقلة بالانكسارات.