عبدالملك قرة محمد |
أجرت صحيفة حبر السورية لقاءً مع الفنان السوري (نوار بلبل) المعروف بمواقفه الداعمة للشعب السوري وثورته.
أستاذ (نوار) نرحب بكم في صحيفة حبر، بداية دعنا نتحدث عن التحاقك بركب الثورة السورية، كيف كانت البدايات وما الأسباب؟
“أهلاً بكم، لحظة الثورة كانت لحظة كاشفة لحقيقة الفنانين الذين كانوا ينتقدون نظام الأسد قبل انطلاق الثورة أثناء تصوير المسلسلات وفي الصالونات الثقافية، هي لحظة مفصلية، إما أن تكون مع النظام أو تلتحق بالشبان الثائرين الذين سبقوك بأميال، في هذه اللحظة قررت أن ألتحق بضميري وبثورة الشعب السوري.”
ماذا تقصد باللحظة الكاشفة للفنانين؟
العديد من الفنانين كان يتغنى بمعارضة النظام كونها تمثل وجهاً من أوجه الثقافة أو اليسار لكن بخروج ثورة السوريين عرّت الفنانين وكشفتهم وسقط معظمهم في هذا الامتحان والتحقوا بركب النظام في حين اختار البعض اللحاق بضميره والانضمام إلى الثوار.
كيف علّق الفنانون الموالون على التحاقك بركب الثورة؟
“كانوا يقولون: إنني ومن معي من الفنانين المعارضين (لحقنا أهل الشحاحيط) وأنا أقول نعم، لحقنا بالشعب السوري الذي صنعنا وحولنا إلى نجوم.
هذا الشعب الثائر الذي قال على الملأ: (الشعب يريد إسقاط النظام) وهذه الجملة لو تُركت كي يقولها أهل الفن لما قيلت أبدًا.”
نظام الأسد معروف بالتهم الجاهزة لمعارضيه، ما التهم والعقوبات التي وجهها لك؟
“بداية تم إقصائي من تلفزيون النظام عبر حذف المشاهد التي أظهر بها أنا وغير من الفنانين المعارضين، أما عن تهمتي فكانت تهريب السلاح والنيل من هيبة الدولة.”
هل يمكن (لنوَّار) أن يعود إلى سورية؟ متى يكون ذلك وكيف؟
“لا، لا يمكن أن أعود إلى سورية إلا بزوال هذا النظام، وعند حدوث ذلك سأكون من أوائل العائدين، نعود ونؤسس دراما سورية فاعلة تخدم أفكار الثورة؛ لأن الثورة ستستمر حتى بعد سقوط النظام، وهنا لا أقصد نظام الأسد فقط، بل يجب إسقاط ذيوله أيضًا ومنها الأنظمة الاجتماعية والدينية التي ساهمت في تكريس الاستبداد.”
ما انعكاسات موقفك السياسي على حياتك الفنية؟
“الفنان هو إنسان أولاً، ثم يأتي الحديث عن المهنة، فالفنان الذي لحق بركب الثورة اختار ذلك لأنه ينسجم مع إنسانيته وحقوقه في المواطنة والحرية، أما من بقي في حضن النظام، فقد اختار أن يكون من الرعايا، وفرْق كبير بين الرعية والمواطنة.
بعد ذلك يأتي الحديث عن المهنة، في الحقيقة أعدُّ كل ما قدمته قبل الثورة هراءً، إذ بدأ عملي الفني الحقيقي منذ اللحظة الأولى للثورة.
صحيح عملي انخفض حتى 3 % لكن ما بقي منه هو الفن الحقيقي، لذلك قد أكون خسرت ماديًا لكنني اليوم أستطيع أن أقدم العمل الذي يمثلني ويمثل شعبي ويمثل ألم هذا الشعب ولا يكون عملاً إملائيًا.”
ماذا عن الأعمال التلفزيونية المشتركة التي يشارك بها عدد من الفنانين المعارضين؟ هل من الممكن أن تشارك بأحدها؟
“لا ألوم من يشارك بهذه الأعمال، أنا مع استمرار الفنانين بالعمل الفني التلفزيوني، لكنني لم ولن أشارك في أي من هذه الأعمال؛ لأنني أرى نفسي في المسرح، أنا مستمر ولم أتوقف منذ 2011 حتى الآن، لكن مستمر بالعمل الذي أراه فنًا حرًا.”
دعنا نتحدث عن الدراما السورية الآن، ما رأيك بها؟ وإلى أي مدى يمكن أن تكون فنًا؟
” بالتأكيد هذه الدراما لا يمكن عدّها فناً بالمعنى الحقيقي للفن؛ لأنها تفتقر للحرية وتبتعد عن هموم الناس وواقعهم، لذلك نجد شركات الإنتاج تتجه لإنتاج الأعمال الشامية وغيرها من المسلسلات التي لا تمت للواقع بصلة.
دعني أخبرك قصة عن موضوع الحرية في الدراما السورية حدثت معنا في بداية الثورة تحديدًا في الثالث من شهر نيسان 2011 ، حين أعلنت (بثينة شعبان) عن قرار من القصر الجمهوري بتمثيل عمل يتناول المظاهرات للتنفيس عن الشعب والعمل، كان حينها (فوق السقف) للمخرج (سامر برقاوي)، لكننا تفاجأنا بأن التلفزيون السوري عرض منه 15 حلقة فقط؛ لأنه لم يتحمل سقف الحرية الذي وضعه هو أصلاً، فكيف يمكن أن ننتج عملاً فنيًا في حكم الأسد؟!”
يقولون: “إنك من دعاة الفن الحر غير المقيد بأي قيد” هل المقولة صحيحة ولماذا؟ وما مفهومك للفن الحر؟
“نعم صحيح، فالفن يحتاج مساحةَ حرية غير مقيدة بأي قيد سياسي أو اجتماعي أو ديني، وأنا أثور على المنظومة الاجتماعية والدينية التي يمكن أن تقيد الفن خدمةً للديكتاتور.”
أستاذ (نوار) لك أعمال فنية كثيرة تخدم توجهات الشعب السوري في ثورته، ما أهم تلك الأعمال؟
“في بداية الثورة أول عمل لي كان (شكسبير) في مخيم الزعتري في الأردن، ثم (روميو وجولييت) لكسر الحصار عن مدينة حمص، وهو عمل مسرحي صُنف الأول من نوعه عالميًا لأن العمل دخل إلى بيوتهم واستطعنا نقل الواقع من هناك رغم تشديدات النظام الذي حاول منع حتى الهواء، العمل كان عبارة عن لقاء عبر سكايب بين الشاب (روميو) في عمّان والفتاة (جولييت) في مدينة حمص المحاصرة.
أيضاً لدي عمل باسم (سفينة الحب) يتناول موجات اللجوء إلى أوربا وعمل (مولانا) الذي يتناول الدجل الديني وتواطؤ السلطة الدينية مع النظام السوري حاولنا إيصال الصورة الحقيقية للثورة للأوربيين واستطعنا تغيير نظرة بعضهم للثورة.”
سمعنا عن عمل تقوم به حالياً، هل من الممكن أن تحدثنا عن تفاصيله؟
“العمل هو مسرحية (إيغاليتيه) بالعربية المساواة، وهي تكريم للباحث الفرنسي (ميشيل سورا) صاحب كتاب (سورية الدولة المتوحشة) الذي قُتل على يد حزب الله اللبناني والمخابرات السورية، وعملي أيضًا تكريم لكل المغيبين قسرًا في سورية، وفي كل الدول التي تحكمها ديكتاتوريات كروسيا والسعودية وإيران وفنزويلا والصين وكوريا الشمالية.”
ما الذي تطمح إليه؟
“أطمح إلى العودة لسورية التي تسودها الديمقراطية بعيدًا عن الاستبداد بأشكاله السياسية والاجتماعية والدينية.
كيف يمكن أن تلخّص لنا سنوات الثورة العشر؟
“انتفاضة السوريين في وجه هذا النظام أولها ثورة، وأوسطها تخبيص، وآخرها عتق من النظام.”
ختاماً، ماذا يقول نوار بلبل لبشار الأسد؟
أقول له بكل بساطة: يا بن الشر**** بدك تسقط بالصرماية العتيقة وبدنا نعيش. “
و(نوار بلبل) ممثل سوري لديه سجل حافل بالتظاهرات في مدينة حمص، وكان يقودها بنفسه أسوة بأبناء المحافظة التي رفضت حكم الأسد.