بقلم محمد ضياء أرمنازي
أخرج الشاب فأسه الحادة من تحت وسادته بعد منتصف الليل، وقام ليفتك بجميع أفراد أسرته واحداً واحداً وهم نيام Play)) بدأ بالقتل وجمع النقاط، فتناثرت البقع الحمراء على الجدران والنوافذ والستائر كما يحدث في الألعاب تماماً، ثمَّ قام بفتح باب المنزل ليجتاز المرحلة الأولى من اللعبة القاتلة!
كان عمره 15 سنة، يدمن على ألعاب الكمبيوتر العنيفة.
غزت ألعاب الكمبيوتر جميع المجتمعات الإنسانية الحديثة، وبدأت هذه الألعاب بالدخول إلى مجتمعاتنا الإسلامية والعربية شيئاً فشيئاً، من خلال جهاز التلفاز بالنسبة إلى ألعاب الفيديو، ثمَّ من خلال الكمبيوتر، حتى وصلت إلى معظم أجهزة الموبايل، فأصبحت داخل كل جيب تنتظر الأمر Play))
لن ننكر أنَّ هناك الكثير من ألعاب الكمبيوتر التي تساعد على التعليم، في كثير من المجالات، كالرسم والكتابة وتعلم اللغات الأجنبية، وهناك أيضاً الكثير من البرامج التي تنمي الذكاء عند الطفل، لكن يقابل هذه البرامج الكثير من الألعاب الإلكترونية التي تقتل براءة الطفل من خلال ألعاب القتل والحرق والتخريب، وفي الكثير من هذه الألعاب يتحكم الطفل بالعبة التي يشاهدها بعينه ويكافأ كلما زاد العنف أثناء اللعبة، كما في لعبة صيد الأموات “الزومبي” على سبيل المثال، ويتعلم الطفل الكثير من العادات الغربية، كالدخول إلى الملاهي الليلية مثلاً ومشاهدة صور النساء شبه العاريات في أوضاع غير لائقة، كما في لعبة GTA))، ناهيك عن عدم الاكتراث بحياة الناس الذين يمشون على الرصيف في الشارع.
ويجلس هذا الشاب أو الطفل ساعات طويلة أمام جهاز الكمبيوتر أو الموبايل لممارسة اللعبة، فتتحول اللعبة إلى مغامرة شيقة، ويُصِر اللاعب على الفوز والانتقال إلى المرحلة الثانية التي تكون بطبيعتها أصعب من الأولى، ويعتبرها تحديا له على الرغم من كثرة المراحل وصعوبة العوائق، فلا يبالي اللاعب بالوقت الطويل الذي يمكن أن تأخذه اللعبة.
ويبتعد الطفل شيئاً فشيئاً عن العالم الواقع، ويدخل في هذا العالم الافتراضي، وتودي به إلى زيادة العزلة، ويبتعد عن الأصدقاء وعن المجتمع، ويتشوش تفكيره بين العالمين الواقعي والافتراضي، وقد تكون سبباً في عزوف بعض طلبة المدارس عن الدراسة وإهمال الواجبات المدرسية عند بعض الأطفال.
واليوم نرى أنَّ ظاهرة الإدمان على هذه الألعاب قد تفشت بين كثير الشباب، حتى وصلت إلى بعض الأفراد من الجيش الحر، وأصبحت تمارس في المحارس وعلى الجبهات الباردة،
كلعبة “كلاش أوف كلانز”، التي وصل سعر المرحلة المتقدمة منها إلى300 دولار في المناطق المحررة، ونرى أنَّ تجاوز هذه اللعبة عند بعض الأشخاص قد أصبح شغلهم الشاغل الذي يفكرون به دوماً.
ولا تقف أضرار هذه الألعاب عند هذا الحد، بل تؤثر سلباً على الصحة الجسدية أيضاً، فيعاني معظم من يدمن على هذه الألعاب من آلام في الظهر والرقبة والأصابع، ومن جفاف في العينين وحرقة بسبب تحرك العين 4000 آلاف مرة بالساعة، وقد تؤدي الومضات الضوئية المنبعثة من شاشة الكمبيوتر إلى نوبات صرع عند الأطفال، وزيادة في الوزن بسبب الجلوس ساعات طويلة مع قلة الحركة، وقد تؤدي إلى بعض أمراض القلب والسكري وهشاشة في العظام بحسب (جريدة القبس الكويتية).
يجب علينا معرفة أنَّ معظم هذه الألعاب تنتجها شركات غربية ربحية، وما يهمُّ هذه الشركات هو جذب أكبر عدد من الشباب، وبيع أكبر عدد من هذه البرامج والألعاب؛ لجني الأرباح فقط.
ولهذا يجب علينا التصدي لجميع الألعاب الإلكترونية التي تؤذي أطفالنا وشبابنا بصورة عامة، لكن هل سننتظر حتى تدمرَ هذه الألعاب ما كنَّا قد بنيناه طوال الفترة الماضية، أم يجب علينا قصُّ جميع هذه الخيوط الحريرية بظاهرها العنكبوتية بحقيقتها، وتبديلها ببرامج تعليمية مسلية وهادفة تتناسب مع أعمار أطفالنا، ولا تتعارض مع عاداتنا الإسلامية العربية.