قتيبة عبد الجواد |
لم يكن المجتمع الدولي صادقًا ولو مرة واحدة في رغبته بإفراج نظام الأسد المجرم عن المعتقلين السياسيين؛ وذلك ليس وليد ثورة الحرية 2011 إنما يعود إلى مجازر الثمانينات واعتقال آلاف الشباب السوريين وزجهم في سجن تدمر الصحراوي سيئ الصيت، فعُذبوا وقُهروا وماتوا ودفنوا ولا قيصر لهم آنذاك، وكان الناس وقتها يعزون إجرام الأسد الأب الواسع وإفلاته من العقاب إلى عدم وجود (إعلام) يوثِّق ذاك الإجرام غير المسبوق.
مات المجرم حافظ الأسد وسجونه مليئة بمعتقلين لم يروا الشمس من سنين وسنين، ولم يجرؤ أحد على أن يسأل عنهم مجرد سؤال، مات وقد أمن عقاب الدنيا وأخذ على ذاك تطمينات دولية، وتوهمنا أن ذاك لم يكن ليحدث لو كان الإعلام الحر متوفرًا.
أتت ثورة 2011 وفيها كافة أنواع التكنولوجيا الإعلامية، ولم يأل الإعلاميون جهدًا بتوثيق كل شيء، من قتل وقصف وتهجير واعتقال وتعذيب، ومنهم من أُصيب أو قُتل أثناء توثيق إجرام الأسد والطيران الروسي، وهو يحمل كاميرا بيمينه ضُرجت بدمائه.
كل ذلك كان موثقًا بالصور والفيديو، ومنتشرًا على منصات التواصل الاجتماعي، وسنة بعد سنة في ثورتنا تزداد في أيدينا آلاف الوثائق التي تدين نظام الأسد حتى النخاع، لكن العالم مايزال متفرجًا على مذابح الشعب السوري.
للأسف لم يكن العالم بمؤسسات حقوق الإنسان بمنأى عمَّا يحدث، لم تكن المشكلة في الإعلام والتوثيق وقد أغرقهم (قيصر) بمئات الصور لمعتقلين قضوا تحت التعذيب، فأسقط ورقة التوت الأخيرة عن سوءة العالم، فوقف أمامنا عريان من الأخلاق والمعاهدات الكاذبة.
ولو أراد العالم أن يفرج عن المعتقلين لخرجوا فورًا، وما فعل (بشار) فعلته بمن ثار عليه اعتقالًا وقتلا وقصفًا إلا لأنه أمن العقاب في الدنيا.
كل الشكر للإعلاميين الذين وثقوا إجرام النظام وخاطروا بحياتهم ووضعوا العالم تحت ضغط أخلاقي هائل لا يستطيعون الإفلات منه، ونأمل ألَّا يكون قانون (قيصر) لتنفيس الشارع العالمي المحتقن من إجرام نظام الأسد.
الخطوة الحقيقية التي نريدها هي الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين من سجون النظام، أن نراهم بيننا يحضنون أبناءهم ويلتقون أحباءهم، وغير ذلك ما هو إلا ذر الرماد في العيون.
لكم الله أيها المعتقلين، لكم الله يامن قضيتم تحت سياط الجلادين، وعلى الظالمين تدور الدوائر.
الحرية للمعتقلين، والرحمة للشهداء، والنصر لثورتنا المباركة بإذن الله.