إن السوريين قد عاشوا أنماطاً من القهر السياسي والاقتصادي والاجتماعي، يصعب معها تخيل انبثاق ثورة، لذلك فقد كانت الولادة الثورية حالة محيرة للكثيرين وأشبه بالمعجزة في البداية، بغض النظر عن الذين اشتركوا فيها بحماس الخلاص والقهر الذي كان يتناسب مع الموت.
كثير من الأمور كانت تكتسب قداسة غير قابلة للمراجعة عند مختلف أطياف شعبنا السوري، فقط لأنَّها كانت تمتزج بالدماء، مهما كانت خاطئة، وحتى لو كانت أداة لتدمير وطن .
الثورة ليست صنماً يعبد، ليست شيئاً نقدسه دون أن ندري لماذا، ليست شيئاً نجيب على تساؤلاته بأننا وجدنا آبائنا على أُمةٍ، وأننا على آثارهم مهتدون ..
الثورة أداة تغيير مستمر، أداة للبحث عن الحقيقة والعدل والكرامة، أداة تلهم الأجيال من أجل تحقيق النصر الكبير الذي نحلم به، والذي نحدده نحن لا أحد سوانا .
لم يعد الوصول إلى البوصلة الصحيحة هو الهدف، فكل منا صار يعتبر نفسه وغاياته بوصلة أساسية يجب على الناس أن تتبع مؤشراتها، وإلا هم مجموعة من الكفرة المارقين، أو ربما اعتبر نفسه الشمال المخلص والذي يجب أن تشير إليه جميع البوصلات الحقيقية، صار هناك من يرى أنه وحده المعني بتحقيق الهدف، أو ربما المعني بالاستفادة من تضحيته، صار هناك لصوص أجبروه على ذلك كما يقول، فلا يجب أن تسرق التضحية، حتى لو لم يكن قادراً على تحقيق الهدف، تحولت التضحية إلى مرتكز يبنى عليه بعد أن كانت وسيلة للوصول إلى هدف بذلت من أجله الدماء الصادقة من الرفاق والأهل .
الثورة أداة، وستبقى أداةً نستخدمها في سبيل قضيتنا العادلة، نحن من صنعها، ونحن من يمتلك قوة تحريكها، لذلك علينا أن نكون حذرين جداً، أمام من يسعى لجعلنا عبيداً لها ومقدسين لكل ما جاءت به دون وعي وتفكير ومراجعة .
المدير العام / أحمد وديع العبسي