حوار: عبد الملك قرة محمد |
ألقت صحيفة حبر على رئيس حكومة الإنقاذ السيد (علي كده) مجموعة من الأسئلة التي تداولها المدنيون والناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، فكان الحوار التالي:
بداية، دعنا نتحدث عن أهم الجهود التي بُذلت مؤخرًا لتحسين الوضع الاقتصادي
“اتخذنا في حكومة الإنقاذ حزمة من السياسات الاقتصادية لتفادي تدني المستوى الاقتصادي، وتحقيق استقلالية اقتصادية للمناطق المحررة، و تجنب الارتدادات السلبية لهبوط عملة النظام الحاد، ومن هذه السياسات: تقديم كافة التسهيلات للفعاليات التجارية بغية تأمين أسواق بديلة تغني عن الاستيراد والتصدير من وإلى مناطق النظام، و اتبعنا تدابير عديدة لضبط سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، لمنع النظام المجرم من سحب القَطع الأجنبي من أسواق المناطق المحررة، وأيضًا لمكافحة تهريب العملة الصعبة إلى أيادي النظام المجرم، كما قدمنا تسهيلات لشركات الصرافة والفعاليات الاقتصادية من أجل إدخال العملة التركية بكافة فئاتها، و الحمد لله، نجحنا بذلك، وسعينا بخطوات عدة لتطبيق التداول بالعملة التركية؛ فسعَّرنا المواد الأساسية بالليرة التركية في السوق المحلية، كالوقود والمحروقات عامة، و الخبز، والمواد الاستهلاكية الضرورية وغيرها، وعملنا على تقديم خبز مدعوم أقل سعرًا من الخبز الموجود في الأسواق، و أيضًا خبز بلدي بسعر مخفّض، كما ننسق مع المنظمات لزيادة دعم مادة الخبز، و ننوه لتحديد شراء القمح بسعر ٢٤٠ دولار للطن الواحد، لدعم المزارعين، وتشجيعهم، على الزراعة؛ للمحافظة على الأمن الغذائي، و تابعنا أسعار الأدوية وضبطناها في المحرر من خلال لجنة الأمن الدوائي المشكلة من قبلنا، كرئاسة مجلس وزراء.
هذا وعملنا على تأمين فرص العمل بتنفيذ مشاريع بنية تحتية، من تعبيد طرقات، وبناء وحدات سكنية، وقيّمنا تقاضي الأجور بالليرة التركية للحفاظ على القوة الشرائية لأهلنا في المناطق المحررة، وأضيف؛ هنالك سلسلة من الإجراءات ضمن حكومة الإنقاذ، بإذن الله، سوف تُؤتي أكلها في الأيام القادمة.”
نبقى في الجانب الاقتصادي، أليس من الخطأ ضخ الليرة التركية قبل تثبيت الأسعار ووضع آلية مراقبة شديدة؟
“لا يستقيم تثبيت أسعار المواد بعملة لم تتداول على نطاق واسع، في عمليات البيع والشراء، وبسبب التأرجح الكبير بسعر الليرة السورية الذي يعود بالضرر على أهلنا في المحرر؛ أنشأنا عدة ورشات عمل بين مؤسسة النقد وشرائح الصرافين، نتج عنها ارتباط بين المؤسسة والصيارفة عبر شاشات تُظهر سعر تصريف موحد، كما أصدرنا لوائح تسعير السلع الأساسية، و تسعير بدل أجور خدمات الكهرباء والاتصالات والمياه، وكذلك أسعار المواد الغذائية والمنتجات الزراعية.
بخصوص “الفوضى لا أظنها تخفى على المتبصرين بهذا الأمر؛ فهي مرحلة انتقالية ومدتها الزمنية قصيرة، لا محيص عنها عند استبدال عملة مكان أخرى، وتعمل فرق الرقابة على الصرافين عملها، وهنالك رقم لاستقبال الشكاوى على التجاوزات من قبل أي صراف، وعُولجِت العديد من الشكاوى نتيجة التلاعب بالأسعار.”
لو انتقلنا إلى الملف الأبرز وهو ملف التعليم، ما علاقة الحكومة بجامعة إدلب؟ ولماذا لا يتم تقديم دعم مالي كافٍ لها؟ وما آخر تطورات الاعتراف بشهادات الجامعة؟
“نحن في حكومة الإنقاذ نرى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أحد أهم الملفات التي نوليها العناية والاهتمام؛ فالجيل الذي سيتخرج هم أبناؤنا وثمرة هذه الثورة المباركة، وجامعة إدلب هي إحدى الجامعات العاملة في المحرر، التي تضم أكثر من ١٢٠ أكاديميًا بين حاصل على درجة دكتوراه، وماجستير، وقد بلغ عدد طلابها في بداية العام أكثر من ١٧ ألف طالب، وتقدم الحكومة سنويًا دعمًا ماليًا كبيرًا للجامعة من ميزانيتها، وآخر دعم كان منذ شهر، إذ قدمنا رواتب جميع الأكاديميين والإداريين، وأؤكد أنه أصبح لجامعة إدلب ترتيبًا بين الجامعات العالمية، والكثير من خريجيها يكملون دراساتهم العليا في جامعات عالمية أخرى، بانطلاقهم من شهاداتهم من جامعة إدلب، بدليل إيفاد ٥٠ طالبًا للخارج من جامعة إدلب.”
هل هناك اعتراف بشهادات الثانوية الصادرة من الإنقاذ؟ ما الدول التي تعترف؟
“لم يصلنا حتى هذه اللحظة أي خبر من أي جامعة، مفاده رفض شهادة طلابنا، والعملية التربوية والتعليمية مستمرة بطبيعتها ولا إشكال، فالناجحون يُقبَلون في جامعات المحرر الخاصة والعامة، وكذلك خارج المحرر وأخصّ بالذكر تركيا.”
في الجانب الأمني، لماذا لا تخضع المناطق لسيطرة الحكومة أمنيًا بشكل كامل؟ أليس من الأفضل أن تكون الأوضاع الأمنية بيد شرطة مدنية واحدة بعيدًا عن هيئة تحرير الشام أو غيرها؟
“لدينا في حكومة الإنقاذ وزارة الداخلية التي تتبع لها وحدات شرطية مدنية تغطي كامل المحرر، و معظم أفرادها من الشرطة المنشقين سابقًا، و هذه الوحدات تعمل على المهام المناطة بها، بملاحقة الجرائم الجنائية بكافة أنواعها، ولدينا إحصائيات شهرية للجرائم المكتشفة، و أود أن ألفت إلى مستوى الأمان الذي نحياه في مناطق حكومة الإنقاذ، الذي يفوق جميع المستويات الموجودة في سورية، إضافة إلى استحداث جهاز يختص بالملفات الأمنية خارج نطاق العمل الشرطي، و هو بمنزلة تتويج لتضافر جهود كبيرة أُلغي فيها العمل الأمني الفصائلي؛ لذا هو خطوة متقدمة نحو المأسسة والعمل الحكومي، ونحمد لله على نعمة الأمن التي نعيشها رغم صعوبات الواقع.”
بعد إخراج جامعة حلب من المناطق المحررة، ما المكسب العلمي الذي تمَّ؟ وهل هناك أي نية لفتح مراكز لها؟
“لم نُخرج أي جامعة حققت شروط الترخيص المحددة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وأوضَح دليل هو وجود الكثير من الجامعات الخاصة، التي تشرف عليها وزارة التعليم العالي، وجامعاتنا تستطيع استيعاب كافة الراغبين بإكمال دراساتهم الجامعية، وبإمكان أي جامعة تحقق الشروط الحصول على ترخيص من وزارة التعليم العالي أصولاً.”
ما سبب عدم وجود وزارة دفاع في الحكومة؟
“إن الظرف الراهن من تعدد الفصائل لا يسمح بوجود وزارة دفاع، تؤدي وظيفتها بالاستحقاق الصحيح، وعندما تتهيأ الظروف الملائمة لن نتوانى عن تشكيل وزارة للدفاع، أما الآن فالحكومة تُعنى بالشق المدني، بينما الشق العسكري متروك للغرفة العسكرية المُشَكّلة.”
ما موقفكم من المظاهرات التي تطالب بالتخلص من سيطرة الفصائل أو تحسين الأوضاع المعيشية؟ أو حتى تلك التي تخرج ضد الحكومة؟
“عند خروج مظاهرة لتعبر عن مطلب شعبي في قضية تمس الساحة، نحترم الرأي العام ونعمل جاهدين على تحسين الأوضاع الحياتية في كافة المجالات بقدر المستطاع، مع التذكير أن المنطقة لم تشهد راحة أو هدوءًا منذ عشر سنوات، ونطالب في كل لقاء بتوحيد الجهود العسكرية من خلال اندماج الفصائل، و تشكيل كيان عسكري موحد، والواقع الآن هو وجود تنسيق عالٍ بين الفصائل من خلال غرفة العمليات العسكرية.”
سياسيًا، ما موقفكم من الاتفاق التركي الروسي؟ وما جهودكم السياسية لدعم عودة المدنيين النازحين؟
“نحن الثوريين، لدينا ثوابتنا الثورية المتمثلة بإسقاط النظام الطاغي المجرم، وبوحدة الأراضي السورية، بعودة أهلنا المهجرين جميعًا، كل إلى منطقته وبيته، دون وجود العصابات الأسدية المجرمة، والاحتلالين الروسي والإيراني.”
في النهاية إلى أي مدى تعتقد أن الحكومة حققت مفهوم الإنقاذ في المناطق المحررة؟
“إن مجرد تشكيل حكومة حقيقة داخل المحرر، من أبناء الداخل المحرر، مكتفية بذاتها، ومعتمدة على نفسها، ونجحت بتعويم الملفات ومأسسة جميع أنواع الخدمات، بعد سنين طويلة من الفراغ الإداري، والتشرذم الشديد، وتبعثر الجهود، وغياب الرؤية المركزية؛ لهو نجاح كبير للثورة السورية المباركة، على الصعيدين الآني والغائي العميق، وكذلك الداخلي والخارجي، ونعمل بجد للوصول للأفضل.”