العلاقة بين السياسي والسلطة علاقة تشكلت منذ بدء الخليقة يوم أنشأ الإنسان أول نموذج للحكم على بساطته، فأوجد السياسة ليستطيع بها تدبير أمور رعيته من الأنعام والناس على حد سواء ، لا أريد الإغراق بالبعد التاريخي للفظة وأنواع ممارستها ، وإنما أود الإشارة إلى العلاقة الوثيقة التي حكمت السياسة والسلطة ، والتي دائما ما استطاع السياسي كسب جولاتها الأولى والاستئثار بمفهومها دينياً ، واجتماعياً ، وعسكرياً، وحتى في المجتمعات المدنية الحديثة ، لتكون السبب في القضاء عليه في جولاتها الأخيرة ، فاتحة الباب لمتصارع جديد على حلباتها، يحارب بها ولأجلها ثم تكون السبب في خروجه من النزال بالضربة القاضية . وهكذا دواليك .إن فهم الموروث السياسي دائما بهذه الطريقة يجعلنا نكرر التجربة التاريخية ببلاهة، متجهين نحو حتفنا في كل مرة من دون إحراز تقدم حضاري تجاه الرسالة التي نؤمن بها .على السياسي أن يعي أن كونه سياسياً يجعله ممسكاً بأحد اطراف السلطة لا بكليتها ، ولكي يحافظ على هذه السلطة عليه أن يتقن فن المحافظة على الأطراف الأخرى لا أن يشعل الحرب ليخسر كل شيء .اليوم نحن على مقربة من تجربة جديدة تثبت إلى اليوم أنها تسير على ذات النهج الممتد نحو الموت من دون أدنى استفادة من التجارب التاريخية الطويلة، التي يصعب الاستفادة منها أمام مغريات التسلط . ولكن هذه المغريات هي دائما ما كانت تعيدنا إلى نقطة البداية. فإن لم يقتنع السياسي بتغيير أسلوبه فعلى الجماهير أن تحافظ على الفوضى كحل بديل يمنع من التسلط ولو كان ذلك على حساب دورة زمنية جديدة قد لا تنتهي . المدير العام / أحمد وديع العبسي