ألا يستحق هذا الشعب المظلوم تعاطيا أكثر جدية مع قضيته العادلة التي هزت أركان الطغاة في هذا العالم؟ أليس من المؤسف ألا نكون يدا واحدة بقلب واحد ضد الهجمة الشرسة التي يشنها علينا العالم بأسره من الصديق قبل العدو؟ أين دعاة الحرية والعدالة وحقوق الإنسان؟ ألم يتسلق البعض على ثورتنا المباركة، ومعظم الشعب المسكين يدفع ثمن تخاذل الكثيرين؟!
إلى متى سنبقى تابعين إلى هنا وهناك بعد مرور سنوات طويلة من عمر الثورة؟! هل تغير شيء؟! هل ستعود الحقوق إلى أصحابها في ظلِّ هذه المعطيات المعقدة؟!
هذه تساؤلات القاصي والداني، الشيخ والصغير، العبد والأمير، على المنبر وفي السرير.
لو قسنا ما تحقق أول الثورة من الناحيتين السياسية والعسكرية وما وصلنا إليه الآن، لوجدنا أنَّ هناك يدا تحرّك الثورة وقد تماشى معها الكثيرون لأسباب عدة لا تخفى على أحد، دون النظر إلى ما سوف ينجم عنه من نتائج تؤثر سلبا على قوة ثورتنا اليتيمة.
كيف سترضى أمهات الشهداء بما يتم الاتفاق عليه تحت الطاولة عندما ضعفت ثورتنا؟ وهل سنقبل بما سيمليه علينا الخارج مهما كان؟ في هذه الحالة نكون قد تخلينا عن أبسط مبادئنا في العدل والمساواة والكرامة.
كم سمعنا من يقول: كفانا إرهاقا وتعبا في هذه الثورة، وقد تخلى عنها العالم ونحن نقبل أي حلٍّ يحقن الدماء التي أصبحت رخيصة، هنا لا بدَّ من معرفة طبيعة الحل، هل يرتقي إلى مستوى تضحياتنا أم أنَّه يجعلنا على شفا جرف هار ننتظر لينهار بنا لا قدر الله.
عندما ابتعدنا عن ديننا الحنيف، واختلفنا في أمور كثيرة، وأصبح يكفر بعضنا بعضا، ويقولون إنَّها ردة، سلّط الله علينا من يسومنا سوء العذاب، فما يحصل هو ارتقاء على السدة، ولن نفلح إلا إذا اعتصمنا بحبل الله، ولم نلهث وراء رايات شتى، علينا ألا ننسى من هو أكبر من هؤلاء كلهم، فلا يتحرك ساكن إلا بأمره، فقط علينا بلوغ الأسباب، وقال الله: أعدوا، فما أعددنا من عدة؟!
عند ذلك نصر الله قادم لا محالة، وبأبسط الأسباب، فهل سرنا في الطريق الصحيح وأعددنا العدة ووحدنا الصف وتآلفت قلوبنا وابتعدنا عن الضغينة والأحقاد، لنستحق أن ننتصر كأسلافنا بالسواك مثلا؟
كفانا طعنا بخاصرة الثوار الحقيقيين، فهم من يقف ضد فداحة الجريمة عسى أن يمن الله علينا بنصر عزيز.
تجول بخواطرنا تساؤلات كثيرة وهواجس عديدة فأين نحن من ذلك؟ هل نحن مطمئنون على واقعنا ومقتنعون بتصرفاتنا؟ أم أننا (كتائب الطراحات) لا نعمل ولا ندع أحدا يعمل.
واقعنا يقول: إنَّ قضيتنا العادلة تحتاج إلى أشخاص ذوي مسؤولية، يخدمونها بكل إخلاص، إخلاص حقيقي ينبع من حرصنا على استرجاع الحقوق، حقوق الآباء والأبناء والشيوخ والأطفال والنساء والثكالى والمغتصبات …
تلك الحقوق التي سلبها منَّا الأعداء تارة باسم الأصدقاء، وتارة باسم الأشقاء، وتارة بالاسم الصريح (الأعداء)، والواقع يقول: كل من لم يدفع الظلم والعدوان عنَّا فهو من الأعداء المتآمرين، فثورتنا كشفت جميع المتخاذلين.
ما لكم كيف تحكمون؟!
وإذا عدنا إلى شيء من واقعنا الداخلي لوجدنا صورا لا تقرن القول بالعمل، فالمصالح شخصية، والرياء كالشظية، وشعاراتهم منسية…
هناك من يسوق لثوريته المزعومة بكلام معسول استسقاه ورضع لبانه من مبادئ البعث والعنصرية، وتغلب عليه المصلحة الشخصية، مأساة كبرى للواقع الذي يحيطنا، هنا سيبرز لنا (عنترة) (إن هم إلا يخرصون)
والطامة الكبرى عندما نساق وراء أهوائنا ونتخلى عن مبادئنا…عند ذلك لا بدَّ أن يخرج لنا من يكشف المستور، ولكن يكشفه عمن يريد ويتستر عن (عنترة)
كيف ومتى سيكتب لنا النصر المبين مادام واقعنا الأليم مليء بالصور التي يدمى لها الجبين؟
في الإعلام لا يوجد إلا عنترة، وفي الإغاثة عنترة، وفي الطب والهندسة و…
وفي التعليم عنترة، عنترة في كل المحافل، هو حامي الديار والأوطان في نظر الجبان. الكل يمجد عنترة، ويعرف أنَّه … مأساة وطن
يتبع …
بلال خرفان