بقلم سلوى عبد الرحمن
يوما بعد يوم يزداد عدد الأطفال الأيتام في سوريا مع زيادة حدة النزاع واستمرار قصف الطيران الحربي للمدنيين، أطفال كثيرون انتظروا آباءهم ولم يعودوا، فأصبح بعضهم يتيم الأب وآخرون يتيمي الأم، ومع فقدانهم أحد الأبوين تزداد مأساتهم وضياعهم في مجتمع يعاني من صعوبة المعيشة في كافة مجالات الحياة، وهم مازالوا في عمر يحتاجون فيه إلى العطف والحنان والتوجيه.
تختلف ردود أفعال الأطفال ووضعهم النفسي بعد فقدان أحد آبائهم أو كليهما بحسب أعمارهم، فبعضهم يعيش بوضع نفسي صعب، وآخرون ممَّن هم بين عُمر 8 حتى 14 يحاولون أن يلعبوا دور الأب أو الأم مع إخوته، فالفتاة تحاول أن تقوم بما كانت تفعله والدتها مع إخوتها وكأنَّها أمٌ صغيرة، أمَّا الصبي فيحاول أن يأخذ دور والده.
سائر طبيب نفسي من ريف حلب يقول:” يجد الطفل صعوبة في التأقلم مع من حوله بعد فقدِ أحد والديه، وقد يلجأ إلى تصرفات غريبة، كالجلوس بمفرده، وعدم مشاركته في الدرس، أو الشرود المستمر، وعلى من حوله دعمه نفسيا ومعنويا ريثما ينضج ويتمكن من تجاوز هذه المحنة”.
لا توجد إحصائية دقيقة لعدد الأطفال الأيتام في سوريا بسبب الحرب المستمرة في سوريا إلا أنَّها قدرت العام الماضي نحو475 ألف يتيم مسجل لدى جمعيات رعاية الأيتام حسب رئيس قسم الإعلام في اتحاد منظمات المجتمع المدني السوري، كما وتحاول الكثير من المنظمات الإغاثية والجهات الخيرية المدنية مساعدة أولئك الأطفال ودعمهم نفسيا وماديا خاصة ممَّن فقد معيله، وكذلك العمل على إقامة معارض ونشاطات ترفيهية وتعليمية علها تكون لهم عونا على تجاوز محنتهم.
أم حسن جلست قرب النافذة بجانب ابنها تقول:” مرَّ جارنا مع ابنه وهو يساعده بقيادة دراجته ويضحك معه، وفجأة بدأ حسن يبكي فظننت أنَّ سبب بكائه من أجل أن أشتري له دراجة، فقد طلب ذلك مني مرات، ولكنَّه هذه المرة قال: لا أريد شيئا سوى أبي، لقد حرقت دموعه قلبي”.
ومع ازدياد صعوبة المعيشة وارتفاع الأسعار تجد أمهات الأيتام صعوبة في تأمين مستلزمات الأطفال داخل المنزل وخارجه، فعليها أن تكون الأمَّ والأبَ في آن واحد، كذلك يلجأ الكثير من الأطفال الأيتام إلى العمل من أجل إعالة أسرهم، وقد تكون أعمالا شاقة عليهم لا تتناسب مع أعمارهم.
مُلهم طفل في الثالثة عشر من عمره من مدينة إدلب يعمل في بيع المحروقات:” ساعدني خالي في شراء بعض المحروقات لأعتمد على نفسي في إعالة أمي وأخواتي الثلاث بعد وفاة والدي في معتقلات النظام”.
كثير من الأطفال حرموا من آبائهم، ولكيلا يبقوا وقودا للحرب ويصبحوا جيلا ضائعا، يتوجب على المجتمع زيادة الدعم النفسي والمعنوي لهم، ومساعدتهم في إكمال تعليمهم، حتى يساهموا في إعادة بناء وطنهم، وكذلك للمشاركة في بناء أسرٍ مثقفة وواعية تنعم بالحرية والأمان.