علّق رئيس اللجنة الدستورية من طرف المعارضة السيد هادي البحرة على الأنباء والشائعات المتداولة حول رحيل الأسد.
وقال البحرة في لقاء مع صحيفة حبر: إن الدول تستخدم أسلوب الرسائل غير المباشرة عبر الوسائل الإعلامية غير الرسمية لتحقيق عدة أهداف، وبوسائل لا ترتب عليها أي التزامات ولا تصدر مواقف رسمية عنها، ممَّا يسهل نفيها. لفهم تلك الرسائل وغاياتها يجب قراءة تزامنها مع ما يجري من أحداث داخل سورية، خلال صدورها وفي المرحلة السابقة لها، كما يجب معرفة الجهات المالكة لهذه الوسائل الإعلامية أو صاحبة النفوذ عليها، وتحديد الجهة المستهدفة بهذه الرسائل، بالتالي يجب مراجعة ما يجري أو سيجري من استحقاقات إقليمية ودولية بالتاريخ القريب بعد إصدارها.
ونوه أن كل ذلك يبقي ما نتوصل إليه تحليلًا، يجب ألا ينسينا الواقع والحقائق التالية:
الحقيقة الأولى: أن الوجود الروسي المباشر في سورية يستمد شرعيته من شرعية النظام الذي دعاه للوجود على أراضي سورية ومنحه السيادة على الأجواء والأراضي السورية بموجب اتفاق رسمي، بالتالي أي انتزاع لشرعية النظام هو انتزاع لشرعية ذلك الوجود، ولذلك لا يمكن لروسيا أن تكون عنصرًا داعمًا لنزع شرعية النظام، وإن قبلت فلن تقبل إلا بعملية انتقال سياسي شرعي (شكلاً) ومنظمًا وعبر آليات قانونية تضمن استمرار ما تم توقيعه من اتفاقيات وتفاهمات بين النظام (الحكومة) وبينها، ولذلك سمعنا بعد هذه الحملة مباشرة تصريحات رسمية داعمة للنظام.
الحقيقة الثانية: أن روسيا ليست جمعية خيرية جاءت إلى سورية وقبلت بالتدخل لمصلحة النظام لأجل بقائه ومصالحه، إنما لمصالحها الوطنية.
اقرأ أيضاً روسيا تنوي بناء (آيا صوفيا) في سورية!
الحقيقة الثالثة: روسيا ليست بيتًا من بيوتات التمويل الدولية بموارد مالية تخاطر بها لتنفق على بقاء النظام وتمويل مؤسسات الدولة لسد الاحتياجات والخدمات الأساسية اللازمة لمعيشة الشعب من غذاء ودواء وغيره، عدا عن تمويل العمليات العسكرية لأجَل غير مسمى أو حتى مسمى، مع سابق علمها بأن هذه الدولة قد أفلست ولن تستطيع سداد أي قروض لعشرات السنوات القادمة.
الحقيقة الرابعة: روسيا تسعى للوصول بسورية إلى حالة استقرار نسبية تسمح بتخفيف القيود والعقوبات الدولية والإقليمية والعربية عنها، ممَّا يسهل مساعيها لإعادة تدوير النظام لتخفيف الضغوط الاقتصادية والسياسية عليه كي يتمكن من سد قسط من احتياجات الشعب والدولة ويمنع انهياره وغرق روسيا في المستنقع السوري (وفق وصف أوباما)، وهذا يقتضي تغيير سلوك النظام وعلاقاته مع إيران، كما يقتضي الانخراط (الشكلي) في العملية السياسية، وهو حتى اللحظة لم يتفاعل إيجابيًا مع هذين المطلبين، وهذا يتجلى بشكل أوضح من خلال توقيعه اتفاقية التعاون العسكري الأخيرة مع ايران.
الحقيقة الخامسة: ترتبت على روسيا التزامات في اجتماع هلسنكي 16 تموز/ يوليو 2018 بين الرئيسين (ترامب، وبوتين) ولاحقًا في الاجتماع الثلاثي لمستشاري الأمن القومي الروسي والأمريكي والإسرائيلي بخصوص سحب القوات الإيرانية بعيدًا عن حدود الجولان، وهي حتى اللحظة لم تتمكن من تحقيق ذلك بسبب تعنت النظام.
فمن يريد أن يحلل أهداف تلك التصريحات وفق المنهجية أعلاه، يتوصل إلى أن الغاية الرئيسة هي تعديل سلوك النظام ودفعه لتنفيذ تعهداته، وتعديل سياساته التي لا تخدم ما ذُكر من أهداف أعلاه، فقد تزامنت الحملة مع ما يسمى (الحملة على الفساد)، وغايتها الرئيسة دفع النظام لإيجاد موارد لتمويل احتياجات الدولة ودفع تكاليف المغامرات العسكرية، بأي شكل كان وإن اقتضى المجابهة بين أخوة الدم.
وهذه نقطة تسجل لمصلحة روسيا على حساب النظام وبما يتوافق مع مصالحها، لكنها فشلت على صعيد تغيير سياسات النظام تجاه إيران. وفي تغيير السياسات الإيرانية نفسها بخصوص وجودها في سورية، بالتالي مازال سلوك النظام غير متوافق مع المصالح الروسية وعصيًا عليها. ممَّا سيدفعها إلى اتخاذ خطوات إضافية، لكن في إطار الحقائق المذكورة أعلاه، عدا عن كون هذه الحملة أرسلت رسائل غير مباشرة إلى الولايات المتحدة وحلفائها بإمكانية فتح النقاش بخصوص مستقبل رأس النظام. “
لقراءة اللقاء كاملاً اضغط هنا