هناك بين جذور الحرب العميقة، في الملجأ العتيق، ربما يمكن تسميتها مغارة الأجداد فانوسٌ ذو ضوء خافت ينير ظلمة المكان الذي جدرانه تعشق الظلمة، كتاب صغير وقلم مشوه تحمله وتلتقطه يدان صغيرتان.
تكتب قصصا عن مغامرتها كل يوم في طريقها إلى المدرسة، وفي عودتها إلى بقايا المنزل الذي حوله الطيران إلى حطام كشف تحته تلك المغارة التي يحسبها الطفل
ملجأ…
لا تعرف ليلى متى تطلع الشمس، تستيقظ على أصواتٍ غريبة لا يقدر عل تحملها أي طفلٍ …
تجهز حقيبتها وتخرج من المغارة؛ لترى النور وتبتسم مع صوت العصافير التي اتخذت شجرة السرو الجريحة عشاً لها …
تتجاوز عقبات الطريق ملاحقةً فراشة أو ربما مبتعدة عن رصاص قناص …
حيث تتبادل الطفولة والرجولة الأدوار بوجه ليلى الصغيرة …
حتى تصل منهكة إلى آخر عقبة حيث يقطن موطن الذئب كما كانت تراه …
موطن قناص الحي كما يراه أهل الحي …
تختبأ في البداية وتأخذ من شجرة التوت مخبأ لها، لطالما ما حضنتها وظللتها منذ بدأت تمشي حتى الآن …
لم تكن لعبة الغميضة، فالغلطة بها لا تعني الإعادة، ربما تعني انتهاء الحياة أو ضياع الحلم الصغير بالوصول إلى المدرسة بخطواتٍ حذرة ومرتبكة، تخطَّت ليلى عقبة القناص، وملأت الضحكة وجهها فرحاً…
ربَّما كانت فرحتها تشبه فرحة النجاح لتسير مسرعة وخطاها كما العدَّاء
لتصل ليلى وتجد دخانا وحطاما، فقد غدر الطيران ليلاً بالمدرسة ولم يبقَ منها إلا الحطام …
جلست ليلى على حطام صفها، تبكي حيناً وحيناً تصمت، والألم ملأ صدرها …
ليموت حلم الصغيرة، وتموت معه آلاف الأحلام المشابه لأطفالٍ اعتادوا العيش بلا أبسط الحقوق وهي المدرسة…
إلى متى ونحن نقطن الخراب ونتخذ من الحطام وطناً؟!
هل كنَّا على صواب حين قررنا البقاء ولم نهاجر، أو ربما أبينا عيشة المخيمات؟
نعم فنحن ننتظر فجراً يسطع شمساً ليغطي نوره كلَّ أرجاء الوطن …
وتعود للطفل حقوقه، ويعمر بيده مدرسته …
سينسى كلَّ ما كان، ويعود مجدداً …
طفل فقط …
محمد الزير