بقلم فاروق عبد السلام
النظام _ومنذ خمس سنوات_ يسعى للوصول إلى البلدتين الشيعيتين، ولم يفلح بذلك إمَّا لقلة الجرأة والخبرة، وإمَّا لعدم وضوح الهدف من البعض، ولكن بعد الاستعانة بالطيران الروسي والميليشيات الشيعية المتنوعة المصدر من العراق ولبنان وأفغانستان ولواء القدس وبقيادة الحرس الثوري الإيراني توضح الهدف الطائفي، وبظهور مفتاح الجنة على الصدور تولدت الجرأة.
الخبرة عند إيران موجودة، فوضعت الخطط، وتمَّ التحرك بخطوات بطيئة وثابتة رغم الخسائر التي تكبدتها للوصول إلى هاتين البلدتين.
تجلت انعكاسات هذا الوصول عند الطرف الآخر الذي كان يعيش حالة الانتصار غير الموجودة، وحالة القوة التي تقهقرت وضعفت على مرِّ الأيام، فكنَّا نرى تهاوناً في الرباط وتناقصا في العتاد والعدة، وتنافرا في بعض الفصائل؛ ممَّا ساعد بالوصول إلى نبل والزهراء نتيجة الأسباب المذكورة، فضرب بذلك النظام قوساً يلّف المدينة، وجزّأ ريفها، وقطّع أوصاله، وأخذ نصف قطر الدائرة التي تحاصر حلب شمالاً.
أمَّا النصف الآخر فقد وضع النظام حجرة الأساس فيه، وهي قرية الطامورة غرب مدينة عندان باتجاه الهدف وهو قرية قبتان الجبل تليها بابيص ثمَّ الراشدين التي لم يستطيع اقتحامها منذ سقوطها بأيدي الثوار، ويكون بذلك قد حاصر حلب وريفها الشمالي بعد تقطيع أوصاله.
لماذا فقط نبل، وليس معبر السلامة؟ داعش حليف النظام الوقتي تنهكه وينهك غيره، والأكراد حليف النظام، ومصالحه مشتركة تنهكه وينهك غيره، أمَّا الجيش الحر ﻻ يستطيع مقارعة جبهتين هما: داعش والأكراد، وباله مشغول بثورته الأولى المتمثلة بمحاربة النظام على الجبهة الثالثة وهي الأساس، ولكل فصيل ممَّا ذُكر دولة عظمى تقف خلفه؛ لتحقق مصالحها، وهذه الدول هي من أبقت النظام صامداً حتى الآن، فكيف ﻻ يتركها النظام طوعاً أو كرهاً، وهي تتصرف و تخطط وتفكر وتنفذ أجندة متوافقة معه في الجوهر والمضمون والعقيدة والهدف؟!
الغرب يريد إسكات قوة مسلمة مؤيدة للمظلوم، وهي عضو بالناتو، ممَّا يجعله ملزما بمساعدتها وهي تركيا، فكيف يتركها لمصيرها وما هو مخطط لها دون أن يتم إشهار الكراهية والعداء مع العالم؟! فبدأ بالمفخخات من داخلها؛ لزعزعت أمنها وإشغالها بحدودها والتظاهر بالتعاطف مع تخوفاتها، وبنفس الوقت دعم العدو الأساسي لها ومن يعرف بواطن الأمور داخلها منذ سنين وهو حزب pkk وجعل روسيا تدعمه بمعرفتهباطنياً وبمعارضته ظاهريا ، وترك النظام السوري حليفاً لداعش يسرح ويمرح بمعرفته ودعمٍ من إيران، والجيش الحر دعمه من تركيا والسعودية، فبعلمه وتحت إشرافه يتم تسليحه، فيرفض يوماً ويسمح يوماً مقابل ابتزازات دول الخليج، وبهز عصا توسع إيران في المنطقة، يهز الغرب مضاجع الخليج، ويأخذ ويفرض ما يشاء.
هذه اللعبة بالمختصر تتحرك بأيدي الدول العظمى، فلماذا النظام يقحم نفسه في معبر السلامة ويفشل مخططات أسياده ويفتح أكثر من جبهة؟! فالنهاية يرسمها أسياده كما يحب ويشتهي، فوقوفه عند نبل والزهراء مخطط مدروس مضمون النتائج وبنفس طويل.
يتبع …