بقلم محمود سلطان
يحظى عمل المؤسسات الإنسانية في ظلِّ الأزمة السورية بأهمية فائقة من قبل جميع الأوساط
لاسيَّما الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإعلامية، والجدير بالذكر هو العمل الإغاثي، بالإضافة إلى تقديم حليب للأطفال الرضع، وكفالة اليتيم.
وهذا الأخير هو الأجدر للحديث عنه، حيث يقول الرسول صل الله عليه وسلم (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، ويشير إلى إصبعيه السبابة والوسطى).
إنَّ الشعب السوري في ظلِّ هذه الثورة ومنذ بدايتها إلى الآن عانى من قصفٍ وقتلٍ وتشريدٍ وهجرانٍ، حيث استشهد الكثير من الناس الأحرار، وأصبح هناك من هم بحاجة إلى من يرعاهم ويكفلهم.
فقد تمَّ إنشاء مؤسسات تهتم بهذا الجانب الإنساني العظيم (الرعاية والكفالة)، حيث إنَّه في الفترة الأخيرة زاد عدد الأطفال اليتامى إلى نحو خمسين ألف يتيم فقط في مدينة حلب المحررة وريفها، وهم غير مكفولين، وإنَّ عدد الأطفال المكفولين فقط في حلب وريفها وصل تقريباً 7660 ومن هذه المؤسسات” Syria chreti” التي سعت لاحتواء هذا الأمر، إذ إنَّها خلال العامين الماضيين كفلت 650 يتيم أعمارهم ما دون 18 سنة.
وهي تسعى في المستقبل القريب لكفالة أكبر عدد ممكن من أبناء الشهداء؛ أي بالتعاون مع المؤسسات الأخرى لرفع شعار حلب خالية من أي يتيم غير مكفول، وخاصةً في ظلِّ الهجمة الشرسة التي يشنّها النظام الدكتاتوري على مدينة حلب بشكلٍ خاص.
وتقدم هذه المؤسسة (Syria cherty) منحة وقدرها 25 يورو إن كان عدد أفراد العائلة أربعة أشخاص أعمارهم ما دون 18 سنة، ومبلغ وقدره 30 إلى 35 يورو لعائلة فيها شخصان أو ثلاثة أعمارهم ما دون 18 سنة.
وهذا قليل مقارنةً بالمؤسسات الأخرى، والسبب هو من أجل كفالة أكبر عدد ممكن من أبناء الشهداء سواء ضمن العائلة الواحدة أو أكثر، فهناك من يقدم 40$ وتكفل فقط طفلان من كل عائلة.
وتسعى هذه المؤسسة في المستقبل القريب إلى إنشاء دورات محو أمية لأمهات اليتامى وندوات توعية لهنَّ، بالإضافة إلى إنشاء نوادٍ ترفيهية وتعليمية لأبناء الشهداء من أجل زرع الابتسامة في وجوههم.
ومن الصعوبات التي تواجهها المؤسسة في بداية عملها هي:
1-الحصول على ثقة الناس في الداخل السوري، وتوصيل الألم والمعاناة للمؤسسات الإنسانية الخارجية من أجل جلب هذه المساعدات للناس في الداخل السوري.
2-الوضع الأمني الغائب في الداخل السوري وخاصةً المناطق المحررة.
3-وسائط النقل من الحدود إلى الداخل.
4-تدخل الفصائل المسلحة بعمل المؤسسات الإنسانية، وعدم الاكتفاء بمجرد الحماية فقط.
في الوقت الراهن تعاني معظم المؤسسات من غياب دور الأمم المتحدة في حمايتها.
وفي نهاية المطاف زرع ابتسامة في وجه طفل يشعرك بإنسانيتك وحقيقة وجودك على هذه المعمورة.
إنَّ هذ الخطوة في كفالة ورعاية اليتيم لها من الأهمية الشيء الكبير، فهي تقلل من وطأة التشرد وتزيح عن وجهه جزءا من الحزن على فقدان أبيه أو والديه.
إنَّ وجود 50 ألف يتيم لا يحظون بأية رعاية ليس بالرقم السهل ذكره، فإلى متى سيبقون هكذا؟
يجب على جميع المؤسسات الاهتمام بهذا الجانب الإنساني الفائق الأهمية، كما ينبغي أيضاً على وجهاء كل حيّ من أحياء حلب المحررة أن يقوموا بإحصاءٍ ميداني للأيتام من خلال معرفتهم بأهل الحي وساكنيه، وكتابة هذه المعلومات وتقديمها لأي منظمةٍ لتأتي وتعاين بنفسها، وهكذا نختصر من زمن الألم والمعاناة لهؤلاء الأيتام.