جلنار عبد الكريم |
تشهد محافظة دير الزور تراجعًا لعدد أفران التنور التي كانت تنتشر بكثرة في المدينة، حيث يعتمد معظم أهالي دير الزور في موائدهم على خبز التنور (المشروح)، رغم وجود الأفران الآلية.
وأدى صدور قرار من وزارة التجارة التابعة لنظام الأسد بمنع تزويد مخابز الخبز المشروح (التنانير) بالدقيق التمويني المدعوم والمازوت إلى آثارٍ سلبيةٍ شتى.
وقال السيد (أحمد العلي) صاحب فرن تنور: “لا سبيل لاستمرار عمل المخبز نهائيًا، أو على الاقل مخبزي حاليًا، بعد أن ارتأت الجهات المعنية رفع الدعم عن الدقيق التمويني والمازوت، وهما المادتان الأساسيتان اللتان نعتمد عليهما كليًا في مخابز التنور. “
أما (أبو رسول) صاحب فرن تنور في منطقة سوق الجبيلة، قال لصحيفة حبر: “أصبح عملنا ورزقنا مهددًا بالإغلاق في أي لحظة، وذلك بعد رفع الدعم عن أفراننا، حيث رفعنا سعر الرغيف بعد القرار مباشرة للضعف، فقد كنا نبيعه بـ25 ليرة سورية، ليصبح بسعر 50 ليرة، وبعد العمل بقرار رفع الدعم بشهرٍ واحد فقط، حلّق سعر الرغيف ثانيةً، ليصل إلى 75 ليرة سورية، لما نعانيه من ارتفاع أسعار يومية، وصعوبة بتأمين المواد الأساسية لعملنا، ما أدى إلى تقلص عدد الزبائن بشكل كبير وملحوظ مقارنة بالوضع السابق.”
وأشار (أبو رسول) في حديثه إلى أنّ “الجهات الوزارية التي أصدرت مثل هذه القرار لم تلتفت أو تراعي أن عمل هذه المخابز يُعيل أسرًا كثيرة، ورفع الدعم الممنوح لمواد الإنتاج سيودي بعملنا حتمًا للإغلاق والهاوية.”
ونوّه بقوله: “لدي ما يقارب 20 عاملاً، يتوزعون بين الخَبز والعجن وشويّ الخبز، يتناوبون على ثلاث ورديات متتالية، خلال الـ24 ساعة.”
وختم: “اضطررتُ مكرهًا لخفض أجرة العاملين في مخبزي، نتيجة ضعف إقبال الزبائن على الشراء، فلم تعد الأمور تجري كما نشتهي، وأخشى من فقدان اليد العاملة بالنظر إلى قلة من يزاولون هذه المهنة.”
المواطن (حكيم العارف) قال لصحيفة حبر: “إنّ سعر رغيف خبز التنور قبل قرار رفع الدعم كنا نعدُّه مكلفًا إلى حدٍ ما، ولايوافق كل الأهالي ماديًا، أما الآن وبعد أن وصل إلى 75 ليرة للرغيف الصغير، و100 ليرة سورية للرغيف الأكبر، فنحن هنا عاجزون تمامًا عن شرائه.”
السيدة (أم جودت) قالت: “بسبب غلاء سعر رغيف التنور، عمدت معظم نساء المدينة في دير الزور، إلى العودة للعجن والخبز في المنازل على التنور المنزلي الذي هو فرن بدائي مصنوع من الطين والقش، ويوّقد بالحطب؛ لسد حاجتهم من الخبز، الذي تصدر مؤخرًا كسلعةٍ لا بديل عنها بأسعار خيالية.”
تضحك (أم جودت) قائلة: ” بدلاً من أن نبتاع ما نريد من الإنترنت في عصر التنكلوجيا، نقوم بصناعة الخبز المنزلي لعدم توفره الدائم أولاً، ولغلائه ثانيًا، أو ربما هي مكرمة من الله، لتظل موائد الديريين تحفل بهذا النوع من الخبز التراثي. “
وقد صرَّح مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دير الزور المهندس (بسام هزاع)، في عدة صحف ومواقع موالية لنظام الأسد بأن “القرار صادر منذ العام 2014 ، لكن بدأ تطبيقه منذ منتصف شهر كانون الأول الفائت.” مضيفًا أنهم سيقومون بوضع تسعيرة جديدة لرغيف خبز التنور خلال اجتماع (الأسرة التموينية) القادم، وفق تعبيره.
يُشار إلى أن عدد مخابز الخبز المشروح في مدينة دير الزور بأكملها، هي تسعة مخابز قبل صدور هذا القرار المجحف، أما الآن فقد باتت ثمانية مخابز بعد توقف أحدها عن العمل، والعدد قابل للنقصان في حال ظل الوضع كما هو عليه.