رؤى الزين |
تقطعت سبل العيش في الشمال السوري، وباتت البطالة موجودة لدى قسم كبير من شباب المحرر، فانتشر الفقر بشكل أكبر نتيجة النزوح المستمر، وقلة العمل، وفقدان المعيل لعدد كبير من العائلات.
في ظل تلك الأسباب يفتش أهالي والنازحون دائمًا عن عمل يسدون فيه رمقهم ويأمنون قوت يومهم، ففي ريف جسر الشغور لجأ الأهالي إلى قطف (ورق الغار) وبيعه لتجار المنطقة.
تسمى شجرة الغار (بالرند) أو شجرة الغار، أو عصى موسى، وتعرف بالشجر دائم الخضرة، وساقها أجرد وناعم أسود اللون، وخشبها أصفر باهت، وأوراقها لمَّاعة من الأعلى متموجة الأطراف، وتزهر شجرة الغار في نيسان ولونها أبيض مصفر، وتُقطف ثمارها في فصل الخريف، ويستخرج منها زيت الغار.
يقصد الفلاحون جبال (جسر الشغور) كجبل التركمان وجبل الأكراد لقطف ورق الغار، محمد (16) عامًا معيل لعائلته التي فقدت معيلها، وبقي هو وأمه وأخواته الأربعة يواجهون صعوبة الحياة، ففي صباح كل يوم يحمل (محمد) كيسه الأبيض ويصعد به إلى الجبل حاملاً معه متاعب وهموم حياة، يقطف بيديه الناعمتين ورق الغار ويجمعه في كيسه، يتنقل من شجرة لأخرى حتى يجمع ما يكفيه لقوت يومه.
يقول (محمد): “إذا ما طلعت كل يوم إلى الجبل وقطفت الورق أخواتي يجوعون، المبلغ الذي أجمعه من بيع ورق الغار بسيط، لكن أحسن ما مد إيدي لحدا”.
لم تقتصر (شجرة الغار) على ورقها فقط، فثمة من ينتظر موسم ثمارها ليبيع ثمرها بأسعار مترفعة، مقارنة مع أسعار ورقها.
(أم عمر) امرأة في الخمسينات من عمرها تخرج في كل فصل خريف لتجمع ثمار الغار وتبيعها أو تستخرج منها الزيت، تقول: ” بعد ما أقطف ثمر الغار أغليه بمياه لفترة معينة حتى يطفو الزيت على وجه الماء، ثم أجمعه وأبيعه للعطارين أو لمعامل الصابون”.
أسعار ورق الغار
(عمر رجال) أحد تجار ورق الغار في قرية (الشغر) بريف جسر الشغور، يتحدث لصحيفة حبر عن أهمية ورق الغار وأرباحه، فيقول: “نشتري الورق الأخضر بـ 500ليرة سورية أي ما يقارب ربع دولار، أما الورق المجفف ب1300 ليرة سورية، أي ما يقارب النصف دولار، ونبيع الأخضر بدولار لمحلات العطارين أو معامل الصابون، أما الورق المجفف يصدر قسم كبير منه إلى الدول الخليج والعراق والأردن وتركيا والدول والأوربية”.
ما هي فوائد شجرة الغار؟
يستفاد من شجرة الغار بكل جزء منها، فهي شجرة عطرية متميزة، حيث تستعمل أوراق الغار توابل في الطبخ للاستفادة من الرائحة والنكهة المميزة، كما نستفيد من زيت الغار في صناعة الصابون الطبيعي الذي يعد منتجًا سوريًا متميزًا تتركز صناعته في حلب والمحافظات المنتجة لزيت الزيتون، أما عن حطبها فيستعمل للتدفئة في أيام الشتاء.
وتحتوي أوراق الغار وثماره على زيوت عطرية طيَّارة، و أيضًا على السعرات الحرارية والألياف والكربوهيدرات والبروتينات والفيتامينات.
يزيد الغار من العصارات الهاضمة، وينشّط الكبد، ويخفّض نسبة الكوليسترول في الدم، ويخفف آلام العضلات والرأس، ويقوي الجلد والأعصاب والشعر، ويطهر المجاري البولية، ويقتل الجراثيم، وينظف الجسم من السموم، ويخفض نسبة السكر في الدم.
ويبقى السوريين يبحثون عن أبسط احتمال لتدبير مصروفهم بعد الغلاء الشديد التي تشهده المنطقة، لتبقى شجرة الغار قوتًا لبيوت الكثيرين من الفقراء في المحرر السوري.