عبد القادر العبدو |
بعينين تملؤهما الدموع، ويدين ترتجفان حزنًا وأسى، يستقبلنا الحاج (علي الباشا) النازح من محافظة حمص، ويحدثنا عن ابنه المفقود قائلاً: “في يوم الخميس 13 آب الجاري، تمام الساعة الرابعة عصرًا، خرج ابني أحمد على متن سيارته الخاصة، إلى منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، وانقطعت أخباره عنَّا تمامًا منذ ذلك الحين، ورغم البحث والسؤال عنه لم نحصل على أي معلومة، وما نزال ننتظر الفرج من رب العالمين.” ثم أسكتته دموعٌ لم يستطع حبسها وإخفاءها.
ازدادت حالات الاختفاء المفاجئ للمواطنين في محافظة إدلب مؤخرًا بشكل ملحوظ، حيث باتت تُسجل يوميًا حالات اختفاء لأبناء المحافظة والمهجرين إليها، أو القاطنين فيها.
حالاتٌ يتم العثور عليها أو تعود إلى منزلها بعد عدة ساعات أو أيام، وحالاتٌ على الأغلب تغيب ولا يُعلم عنها شيء.
وهذا ما أكده لنا (حذيفة الحمود) مدير مكتب شؤون الجرحى والمفقودين بقوله: “تزايدت حالات الاختفاء في محافظة إدلب وريفها بشكل كبير، حيث وصلت في بعض الأحيان إلى ما يقارب عشرين حالة يوميًا، وسجلنا في الشهر الماضي فقط 105حالات اختفاء موزعة على الشكل التالي:
87 رجال ، 9 نساء، 18 أطفال
عاد منها 57 حالة، معظمهم من النساء والأطفال، وما يزال البقية مختفين لا يُعرَف عنهم شيء”.
الأسباب والدواعي
وحول أهم أسباب الاختفاء قال (الحمود): “عادةً ما تكون الخلافات العائلية والزوجية سببًا، إضافةً إلى الفقر وضيق العيش وهو سبب قوي للاختفاء، بالإضافة إلى خروج أغلب الشباب بدون إثباتات شخصية، وهذا ما يجعلهم عرضةً للاشتباه والاعتقال من بعض الفصائل.”
وأضاف الحمود: “هناك حالات اختفاء بسبب الخطف بهدف الابتزاز أو الحصول على فدية مالية، وخاصةً لأبناء العوائل الميسورة ماديًا، أضف إلى ذلك خلافات وتصفية حسابات بين أشخاص وعوائل.”
مكتب شؤون الجرحى والمفقودين (الرجال المجهولين)
ينشر المكتب مئات حالات الاختفاء شهريًا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وشبكات التواصل مع المراصد وأصحاب الغرف الإخبارية والاجتماعية، تتضمن معلومات كافية عن الحالة وصورةً لها ورقمًا للتواصل، وتتم متابعة الحالة وتكثيف البحث عنها حتى النهاية.”
الحلول والمقترحات
يتابع (الحمود): “أهم ما يمكن أن يخفف حالات الاختفاء تأمين فرص عمل للشباب بشكل رئيس؛ لعدم دفعهم للسفر والتنقلات الكثيرة لتأمين المعيشة، ولعدم السماح لضعاف النفوس بتشكيل عصابات للخطف والحصول على المنفعة المادية بدواعي قلة فرص العمل.”
وأضاف: “أتمنى التعاون مع أمنيي الفصائل، وتشكيل كتلة أمنية للتواصل مع مكتب شؤون الجرحى والمفقودين للإبلاغ عن المعتقلين لديهم.”
من جهته قال الشيخ (أحمد السجناوي): “يجب تربية الأبناء تربية دينية صالحة، وتوجيه الجميع خاصةً الأزواج للمعاملة الحسنة مع من يعولونهم، وعدم الهروب من المنزل لأسباب واهية، كتأمين فرص عمل أفضل، أو التنصل من مسؤوليات الأسرة.”
الجدير بالذكر أن محافظة إدلب وريفها الشمالي، تشهدان استمرارًا لحركة النزوح إليها، وبالتالي تشهدان ازديادًا في نسبة القاطنين فيها، وهذا يرفع نسبة حالات الاختفاء المفاجئ بشكل يومي، نتيجة بُعد المسافات بين العائلة الواحدة، وجهل الغالبية خاصةً الأطفال للطرق، ولاسيما التي تصل مناطق إدلب وشمال حلب، حيث تجعلهم أكثر عرضةً للضياع.