خسائر كبيرة مُني بها قطاع الكهرباء في سوريا خلال سنوات الحرب، حيث بلغت مؤخرا قرابة 400 مليار ليرة سورية، وكان السبب الرئيسي في ذلك خروج معظم محطات الكهرباء عن الخدمة نتيجة استهداف النظام السوري لها بشكل مباشر في المناطق الخارجة عن سيطرته، أمَّا في مناطق سيطرته فقد وصلت ساعات التقنين إلى ما يقارب 16 ساعة يوميا.
لأنَّ الكهرباء عصب الحياة وشريانها، واستمرار انقطاعها لفترات طويلة وبشكل كامل عن المناطق المحررة، كان لابدَّ من اللجوء لبدائل عن الكهرباء من أجل تأمين إنارة للمنازل والطرقات وتشغيل الأفران والمشافي ولضخ المياه وغيرها من الاستخدامات المتعددة، لذلك لجأ المواطنون في سنوات الأزمة الأولى إلى استخدام مولدات الديزل، إلا أنَّ ارتفاع أسعار المحروقات والأعطال التي تتعرض لها بشكل دائم، وصوتها المزعج والانبعاثات السامة الصادرة عن دخانها المضرة بالصحة، جعل الكثير من الناس يلجؤون إلى بديل آخر وهو
” الألواح الشمسية” التي بدأت تنتشر مؤخرا بشكل واسع في كافة المناطق السورية عموما، وبشكل خصوصي في المناطق المحررة، فكانت تلك الألواح حلا لتخفيف معاناة المواطنين وإنارة ظلمة منازلهم وشوارعهم.
يقول أبو عمر صاحب محل لبيع الأدوات الكهربائية المنزلية متحدثا عن الألواح الشمسية في مدينة ادلب: ” باتت تجارة الألواح في الشمال السوري رائجة ومربحة، وتقتصر تكاليفها على ثمن الألواح والمعدات المرافقة (الانفنتر والبطارية السائلة والأسلاك)، وللألواح الشمسية أحجام وأنواع مختلفة (صيني-ألماني – تركي) وتختلف أسعارها بحسب جودتها وحجمها وقدرتها.
يحتاج المواطن لتشغيل بعض الأدوات المنزلية الضرورية لمدة 8 ساعات تقريبا إلى لوحين من ألواح الطاقة الشمسية كل واحد بقدرة 250 واط يتم وصلهما إلى بطارية سائلة استطاعتها 150 أمبير عبر أسلاك شعرية مخصصة للطاقة الشمسية، ومن ثمَّ ربطهما برافع الجهد الذي يحول تلك الطاقة المخزنة في البطارية من 12 فولت إلى 220 فولت وهي الكهرباء النظامية المطلوبة للتشغيل، وتكلفة تلك العملية ما يقارب 920 دولار”.
وعن إيجابيات وسلبيات تلك الألواح آراء مختلفة، فالبعض يراها جيدة ولا أعطال فيها وذات عمر مديد إذا ما استخدمت بشكل جيد ولا تنبعث منها غازات سامة ولا ضجيج لها بالرغم من ارتفاع أسعارها، وآخرين يجدونها مرتفعة الثمن بالإضافة للخوف من تعرضها لشظايا أو للكسر بسبب القصف المستمر والطيران، كما ويجب على مستخدمها غسلها باستمرار لأنَّها تتأثر بالغبار الذي يقلل من كفاءة الألواح، وهي قليلة المردود بالنسبة إلى الطاقة في أيام الشتاء غير المشمسة.
مشاريع كثيرة أقيمت مؤخرا في سوريا للحصول على الكهرباء عن طريق تلك الألواح، ففي المناطق المحررة قامت وزارة الكهرباء في الحكومة المؤقتة بإنارة مخيم أطمة الحدودي بالألواح الشمسية، كما وأقيم مثلها خلال الأسبوع الفائت وبدعم من منظمة بنفسج التي أقامت ما يقارب 60 لوح داخل مدينة إدلب و85 وحدة إنارة موزَّعة على مخيمات سلقين وسرمدا لإنارة الشوارع الرئيسية في المدينة والمخيمات، كما وقامت عدة مشاريع أخرى في أحياء حلب وريفها المحرر.
نستطيع القول: إنَّ السوريين استطاعوا التغلب على صعوبات العيش في ظروف الحرب القاسية وإيجاد بدائل عن كافة الوسائل الأساسية للمعيشة، والسؤال الذي يدور في الأذهان: من لا قدرة لهم على شراء تلك الألواح هل ستشمل تلك المشاريع كافة المناطق المحررة لتغطي احتياجات سكان الأحياء السكنية من الكهرباء؟!
سلوى عبد الرحمن