إنَّ القضايا العادلة لا تقع على عاتق أبنائها فقط، بل هي أمانة في أعناق جميع الذين يحملون قيم العدالة والخير والحق والحرية.
ولا يغيِّر هذا المسؤولية الكبرى التي يحملها أبناء هذه القضية، فهم الروح التي يتنفس من خلالها الآخرون عبق المقاومة وإرادة التغيير، وبهم يبقى الأمل معقودًا والعزائم شامخة في سبيل الكفاح الكبير من أجل الحرية والسلام والعدالة.
وإنَّ انهزام أبناء هذه القضايا، يورث الخيبة والاستكانة واليأس للآخرين، لذلك لابدّ لهم من المقاومة والنضال مهما بلغت التضحيات واستطالت العذابات وطال الأمد على الطغاة، فهم الشعلة التي تحمي العالم من الظلام، وهم الإرادة التي تقف فوقها آمال الضعفاء والمظلومين وأحلامهم بغدٍ أفضل تسوده الحرية والعدالة.
وإنَّ الأمانة الكبرى التي يحملها هؤلاء يجعل تراجعهم عن قضيتهم خيانةً للأمة والعالم والرسالة التي يحملونها، لا خيانة لقضيتهم فحسب، فلا خيار لهم إلا الاستمرار في هذا الطريق، فهم وُلِدوا على ركام بلادهم، وتنشقوا جميع أوجاعها، ولا بدّ لهم أن يزيحوا الركام ويضمدوا الجراح ويعيدوا بناء البلاد من جديد بعد أن يستعيدوها من عدوهم، فمثلهم مثل الذي يتعرض لحادث ما، أو يُولَد وهو يعاني من إعاقة ما، فلا خيار له سوى التعافي، والعمل على تجاوز تلك الإعاقة، وإلا فسيعيش عاجزًا منبوذًا يقتات على فتات موائد الناس ومهملاتهم.
أمّا من يخونون القضايا من غير أبنائها فهؤلاء لا يخونون إلا أنفسهم ولا يظهرون إلا معادنهم الرخيصة والنتنة، لا يُعوَّل عليهم، ولن يضروا الناس شيئًا، هم فقط ينضمون لركب الطغاة على حساب المظلومين، ويختارون لأنفسهم أن يكونوا من الخاسرين، ذلك أن الحق لا يلبث أن ينتصر، وإن طالت أيام غيابه، والباطل لا يلبس أن يزهق وينكسر ولو طالت أيام ظهوره.
إن أبناء فلسطين وسورية واليمن والعراق ولبنان والسودان والجزائر وتونس وليبيا ومصر وغيرها اليوم من البلاد التي يكافح أبناؤها في سبيل الحق، هم أبناء قضية واحدة، لن تنكسر لهم إرادة ولن يقدر الطغاة على إعادة فرض الظلم والهوان عليهم مهما حاولوا أن يفعلوا ذلك، وإن تخاذل العالم عنهم يثبت عدالة قضيتهم ويؤكد حتميةَ نصرها؛ لأننا اليوم في عالم يقوده القهر والاستغلال والظلم والجريمة، عالمٍ لا قيم فيه إلا للمصلحة والمنفعة والطمع والجشع.
ولن يطول انتظار النصر مادام العمل دؤوبًا والجهد منتصبًا والجهاد قائمًا في سبيل الرسالة والحرية والعدالة والحق والخير.
المدير العام | أحمد وديع العبسي