مها الأحمد |
اختلفوا على المبلغ وتقاسمه بعد خطفه، فرمته العصابة الخاطفة التي يشترك بها زميل له على قارعة الطريق، يقول رامي 27عامًا من خان شيخون: “لم أصدق بأني سوف أرجع
لأهلي سالمًا، كان الخاطفون يجبرونني على التحدث معهم كي أطلب منهم دفع مبلغ 50
ألف دولار مقابل إطلاق سراحي، وكانوا يبتزون أمي بتعذيبي.”
والدة (رامي) تعمل طبيبة، وتُعدُّ من الأغنياء في المنطقة، وهذا ما جعل الخاطفين يطمعون بها، تقول: “طالما أن سمعتي بين الناس غنية وهذا ولدي، فسوف يبقى شعور الخوف يلاحقني عليه طالما هو داخل سورية لذلك فكرت بإخراجه منها”.
بشكل عام أغلب المخطوفين من الطبقة الراقية في المجتمع، كالأطباء والقضاة والمسؤولين، كما حصل مع القاضي (محمد نور حميدي) أستاذ القانون الدولي، الذي خُطف من مدينة (حارم) التي كان يسكن فيها، يقول (حميدي): “خطفني ملثمون من مزرعة
(عين الباردة) في حارم، في مكان اعتدت أن أقضي وقت راحتي فيه بتاريخ /2018 4/9″
أما عن أساليب التعذيب التي استخدمها الخاطفون يصفها حميدي بأنها أساليب بشعة جدًا وتنافي جميع القيم الإنسانية، منها خلع الأظافر بملقط حديدي، بالإضافة إلى شد الشعر
والإرهاب النفسي بإطلاق طلقات نارية حوله وهو معصب العينين، وقد طلبوا منه الاستجارة بأهله لكي يدفعوا الفدية المطلوبة مبدئيًا وهي مقدار 300 ألف دولار، لكن بعد مفاوضات طويلة تم الاتفاق على مبلغ 50 ألف دولار مقابل إطلاق سراحه.
وقد ساهمت المحاكم والقوى الأمنية في المناطق المحررة بكشف العديد من عصابات
الخطف، كان آخرها بتاريخ 9 أغسطس/آب الماضي، حيث قُبض على عصابة تورطت في قتل المغدور (أحمد مصطفى قدور) من أبناء مدينة (سرمين)، وقبضت القوى
الأمنية في منطقة (سرمدا) على عصابة تورطت بقتل المغدورة (حليمة ناجي وتار) بعد طعنها وسرقة مصاغها ومبلغ مالي كبير في قرية (عين لارز)، وفي وقت سابق قبضت قوات تابعة لمحكمة هيئة تحرير الشام على خاطفين، وتم التحقيق معهم وسجنهم بانتظار إصدار العقوبة القصوى بحقهم.
عمليات الخطف السابقة وغيرها من عمليات تعرض لها بعض الصاغة بسوق إدلب وغيرهم من مسؤولين بمديرية الصحة، جعلت الفئات المستهدفة في إدلب تنظم احتجاجات ومسيرات لما يتعرضون له من أعمال خطف، كالوقفة الاحتجاجية التي نظمتها مديرية الصحة في الشهر التاسع من عام 2018 في المدينة بعد خطف الدكتور (محمود مطلق)، ومدير
مشفى إدلب الجراحي التخصصي عقب اختطافه وابتزازه لقاء مبالغ مالية.
الخبير العسكري والإستراتيجي من إدلب (عبد الله الأسعد) كان اقترح حلولاً لهذه المشكلة بشكل عام، لخصها بقوله: ” أولاً إيجاد كلمة سر بين الحواجز، وكلمات متعارف عليها لمعرفة الخاطف الغريب، وثانيًا الاتفاق على جهاز أمني واحد بين جميع الفصائل، فهم مسؤولون أكثر من غيرهم وتوحيده، كالشرطة الحرة مثلاً، وثالثًا إنزال عقوبة القصاص بالخاطفين إن عثر عليهم.”
ونادرًا ما يمتنع الأهل عن دفع الدية والمبلغ المطلوب، فيكون مصير المخطوف القتل على يد تلك العصابات، كما حدث مع الطالب الجامعي (محمد) من قرية بسامس (26 عامًا ) حيث وُجد مقتولًا على قارعة أحد الطرقات العامة في ريف إدلب الجنوبي عام 2017 بعد أن بعد طلب الفدية بخمسة أيام، يقول والد (محمد): “” لم أكن اتوقع أنهم سوف ينفذون تهديدهم ويقتلوه بالفعل حين امتنعنا عن دفع المبلغ المطلوب وهو 100 ألف دولار”
يطالب الحاج معروف ( 70 عامًا) أهله بكل إلحاح دفع الفدية لخاطفيه بعد أن أرسل الخاطفون صور فيديو يتكلم بها وقد بللت الدماء وجهه بسبب تعذيبه؛ للضغط على أهله لدفع المبلغ المذكور، ولم تتم الاستجابة من قبل ذويه بعد إلحاج معروف من قرية (مصيبين) في ريف إدلب، حيث يملك الكثير من الأراضي والعقارات والمال، ما جعل ذلك سببًا في خطفه.
نتيجة الخطف وانتشاره، صار التنقل والسفر صعبًا، والأمن معدومًا أحيانًا خاصة لفئة الأغنياء، وهذا بدوره أثَّر على الحياة العملية والتجارية.