غسان الجمعة |
أعلن وزير الخارجية اللبناني (جبران باسيل) حليف حزب الله في الساحة السياسية اللبنانية عن نية الحزب بالانسحاب من سورية بالتوازي مع حراك دولي لمساعدة لبنان وانتشاله من فساد مستشرٍ وضعف في منظومة الدولة؛ بسبب تحكم إيران في القرار اللبناني من خلال ذراعها الإرهابية في لبنان والمنطقة.
الإعلان ليس جديدًا في فكرته، فقد سحب الحزب الكثير من عناصره على مدار السنوات الثلاث الأخيرة؛ لأسباب تتعلق بتمويل هذه المجموعات المقاتلة، وأسباب أخرى مرتبطة باستهداف إسرائيل المباشر لعناصر الحزب، إلا أن التصريحات الجديدة التي لم يؤكدها الحزب أو ينفيها، وجاءت على لسان مسؤول عقب كارثة (مرفأ بيروت)، وفي ظل تقاطر للوفود الغربية على لبنان، والحديث صراحةً عن الرغبة بإحداث تغيير في لبنان، فهل الحزب معني جديًا بفكرة الانسحاب أم أنه تكتيك يمهر به الحزب عسكريًا وسياسيًا من خلال الالتفاف والمراوغة؟
إن الوضع الداخلي يؤثر، دون أي شك، بالقرار الذي يمكن أن يتخذه الحزب في أي مسألة، غير أن قضية دخوله إلى سورية ليست محل نقاش مع أي أحد سوى طهران، وبعيدًا عمَّا يتشدق به (حسن نصر الله) عن عودة ذلك لقرار ما أسماه مرارًا (القيادة السوية)، فإن المسألة اليوم دخلت فيها فرنسا ذات الأثر الكبير على الساحة اللبنانية التي تصنف حزب الله بجناحه العسكري تحت بند الإرهاب دون جناحه السياسي.
باريس على الرغم من وقوفها مع طهران في ملفها النووي في مواجهة المحور الأمريكي، ودائمًا ما تسعى لمنحها الفرص، إلا أنها تتحدث صراحةً عن رغبة في إقصائها من الساحة اللبنانية وإخراجها من حلقة الصراع في سورية، مدعومةً بشكل رئيس من المجتمع الدولي لتنفيذ سياسة معينة في لبنان.
لذلك وقَع الحزب في إحراج سياسي كما هو الأمر واقعًا في الظروف الاقتصادية لمساعدته الأسد اقتصاديًا، حيث تتوسع دائرة العقوبات الأمريكية في قانون قيصر يومًا بعد يوم.
فالمغريات التي يحملها (ماكرون) لحزب الله تبدأ على أساس قاعدة الابتعاد عن السياسة الإيرانية في المنطقة مقابل دعم غربي لسلطته في لبنان وتثبيت قدمه فيها انطلاقًا من حلحلة عبثه في سورية وليس نهايةً في الكفّ عن عرقلة تشكيل الحكومة اللبنانية مقابل ضخ المليارات في القنوات المالية والمصرفية المُفلسة أو شبه المنهارة.
بالمقابل لا تستطيع القيادة السياسية للحزب الخروج من عباءة (الخامنئي) كونها تقوم فكريًا و فلسفيًا وسياسيًا على خدمته وخدمة مشروعه في المنطقة، الذي يعدُّ في أوج انتشاره وقوته اليوم، ومن غير المنطقي التفكير بالانسحاب من معركة الممانعة على المحور السوري.
إلا أن تيارًا قويًا يرى أن الإيرانيين أنفسهم قد يدفعون بالحزب للانسحاب من سورية وذلك لأسباب تتعلق بالدعم المالي للحزب، ولتكثيف الإسرائيليين والأمريكيين لقصفهم في سورية، كما أن شعور طهران بقوة شوكتها في دمشق بمليشياتها المحلية يدفعها للاستغناء عن وجودهم والعودة لتعزيز موقفهم في لبنان.
خيارات الحزب لم تعد في ميزان الخسارة والربح عند انسحابه من سورية، بل باتت بين مفهومي المحاصرة والاستهداف، وبين الشرعنة والقبول في المنظومة الدولية التي تُترجم عمليًا إما التدجين بعيدًا عن إيران، أو مواجهة مشكلات لا تنتهي في لبنان.