بقلم عائشة الكرمو
شهدت المناطق المحررة في مدينة حلب دورات تدريبية تطويرية متنوعة مكثفة على اختلاف أنواعها، من دوراتٍ طبية إلى دوراتٍ في الدعم نفسي والتواصل، ودورات تعليمية واسعة النطاق في كافة المراحل، ناهيك عن الصحافة التي وجدت أرضاً خصبة في ربوعنا، وغيرها في المجالات المتعددة، الأمر الذي أثار اهتمام الشباب والشابات للالتحاق بها.
هذه الدورات التي لم يكن لها وجود قبل الثورة ولم يٌسمع بها، انتشرت اليوم في مناطقنا بهدف تطوير الجيل وتقديم كل ما هو مفيد لجعله جيلا يحمل مسؤولية وطنه، وذلك برعاية المنظمات والمؤسسات الفاعلة في الأراضي المحررة، حيث قامت بتعيين أساتذة ومدربين من ذوي العلم والخبرة والكفاءات العلمية التي تؤهلهم لتقديم هذه الدورات.
ومن الدورات التي لاقت صدى وإقبالا كبيرا دورة (إعداد وتأهيل المعلمين) بإدارة الأستاذ (نضال بدوي) في باب الحديد، والتي تهدف إلى تطوير أساليب التعليم عند كل معلم وجعل المعلم التقليدي معلما أكاديميا وفعالا، والرفع من سويته التربوية لكونه صاحب أمانة ملاقاة على عاتقه وفي تربية الأطفال وتعليمهم.
كانت مدة الدورة ثلاثة أشهر تناول فيها ست مواد ذات أهمية كبيرة للمعلم وهي: طرائق تدريس اللغة العربية ـ طرائق تدريس الرياضيات ـ التخطيط الصفي ـالتواصل والدعم النفسي ـ التعلم النشط ـ التقويم واختبار القياس، قدم فيها أهم طرائق واستراتيجيات التدريس التي تساعد المعلم في انطلاقه في مسيرته التعليمية.
قسمت هذه المواد إلى ثلاثة كورسات في كلِّ واحد مادتين، يقدم المتدرب في نهايته امتحانا عمليا وامتحانا نظريا، كما تمَّ تعيين مشرف تربوي لمتابعته في مسيرته التعليمية، لمعرفة وتقييم السوية التعليمية لكل متدرب.
وفي نهاية الدورة قام المركز بتقديم حفل تكريم وتسليم الشهادات للمتدربين كوثيقة تثبت استجابتهم وحضورهم الفعلي في هذا المركز.
وكذلك مركزي [رياحين1بإدارة الآنسة (أسماء) في جسر الحج، ورياحين2بإدارة الآنسة (ملك) في الشعار الذي عنيَ بشؤون المرأة بجميع طبقاتها المثقفة والأمية لتطويرها والارتقاء بها والرفع من ثقافتها الحياتية لما تحمله من مسؤولية عظيمة في المجتمع.
حيث قدم المركز دورةً لمدة ثلاثة أشهر أيضاً، فيها أربع كورسات مهمة في مبادئ الحياة للمرأة هي: الإسعافات الأولية ـ المعلوماتية ـ محو الأمية ـ مهارات حياتية دعم نفسي، وتمَّ تعيين مدربة لكل كورس، حيث قُدمَ في كورس الإسعافات الأولية أساسيات الإسعاف الأولي كقياس العلامات الحيوية وضرب الإبر وفتح الوريد وحالات الحروق والجروح، وتمَّ التوسع في بعض الأمراض الداخلية بمعلومات بسيطة، وكذلك أُعطيت دروس عن العناية بالحامل والعناية بالطفل بعد الولادة، وقُدم في كورس المعلوماتية خمسة برامج في (ICDL) وهي [AccessـExcel ـ PowerPoint ـ word ـ IT] هذه البرامج تعتبر الأكثر أهمية واستخداما في مجال المعلوماتية.
وأمَّا كورس محو الأمية، قُدم فيه أهم مبادئ القراءة والكتابة والحساب للكثير من النساء اللواتي قضين ردحاً من الزمن وهن منقطعات عن المجتمع بشكل تفاعلي.
وكان لكورس المهارات الحياتية فائدة كبرى في حياة المرأة الاجتماعية، طُرِح فيه كيفية التصرف مع ظروف الحياة ومواجهتها سواء في العمل أو المنزل، خاصة ونحن نمرُّ في فترةِ ضنكٍ من العيش القاسية.
وبعد انتهاء الدورة قام المركز بتسليم الشهادات ضمن احتفال كُرِّم فيه الأوائل من كلِّ كورس.
كان لهذه الدورات تأثيراً إيجابياً واسعاً في حياة الشباب والشابات لتقديمها منطلقا جديداً لهم في حياتهم؛ ولنهضتها بشريحة كبيرة منهم، حيث جعلت منهم كوادر جديدة ومميزة وفعالة وخصوصا بعد الكارثة التي تسببت بها الحرب من فقدان الكوادر الأصلية في كافة المجالات.
كذلك تعتبر هذه الدورات المنقذ الوحيد للمجتمع من التدهور والانهيار، وما يجب علينا الآن هو تشجيع هذه الدورات وتفعيل المزيد منها في مناطقنا المحررة، كأن تقام دورة في ترشيد وتوجيه المواد البسيطة في حال تمَّ الحصار في أي مدينة كإعادة تدوير المخلفات التي يمكن الاستفادة منها بشكل كبير في حياتنا اليومية، أو دورات التطوير الاجتماعي والتكيف مع الظروف الراهنة للصغار، وتهيئة هؤلاء الأطفال لتحديد أهدافهم والسعي إليها فيكونوا في المستقبل أكثر قوة وصلابة، وغيرها من الدورات التي تدفعنا للوصول إلى القمة.