لمى السعود |
في ظل تداول الليرة التركية شمال غرب سورية، يقع المواطن في شباك الاستغلال التجاري، الذي يمارسه التجار وأرباب الأعمال عن طريق اللعب بالربح جراء الفرق بين الليرة السورية والدولار الأمريكي والليرة التركية.
وحول الارتفاع والانخفاض السريع بالليرة التركية، التقت (صحيفة حبر)، (أحمد جلل) نازح من مدينة (كفرنبل) ومقيم بمدينة (أعزاز) شمال حلب، حيث أشار إلى وجود تذبذب بالربح جراء الفرق بين الليرة التركية والسورية، والسبب هو عدم ثبات سعر صرف الليرة السورية بالنسبة إلى كل العملات الأخرى، وأضاف: “يحدث أحيانًا تهاويًا كبير فيها وأحيانًا تستقر بشكل متذبذب وكل ذلك ينعكس على طريقة عمل التجار، وبالتالي على المستهلك”.
لكن التجار كان لهم المساهمة الأكبر في هذا الغلاء عن طريق استغلال الظروف واللعب بالأرباح، يقول (جلل): “يوجد استغلال من طرف التجار في ظل عدم استقرار الليرة السورية، حيث أصبحوا يأخذون دور مكاتب الصرافة عند بيع أي سلعة للمواطن للمزيد من الربح، فإن أعطيته ليرة سورية يقوم بالحساب وتقدير قيمتها بالدولار، وإن أعطيته ليرة تركية (مستقرة) يحول قيمة السلعة من الدولار إلى السوري ثم إلى التركي، وكل ذلك بهدف ربح أكبر قدر ممكن.”
وتابع: “حتى أن الأسعار أصبحت متضاربة من محل لمحل للسلعة نفسها بسبب اختلاف طريقة تعامل كل تاجر عن الآخر، وهكذا”.
وعلى سبيل المثال، بلغ سعر كيلو لحم الغنم مطلع الشهر الجاري، قبل الاستبدال ما يعادل 52 ليرة تركية، وبعد الاستبدال أصبحت ما يقارب 60 ليرة تركية، بسبب تراجع سعر صرف الليرتين السورية والتركية أمام الدولار، ومن جانب آخر يوجد تلاعب من قبل التجار خاصة في السلع التركية، فعلبة الحليب التركية سعة لتر ثمنها في تركيا (3،75) ليرة، بينما تباع نفسها في الشمال السوري بسعر 5 ليرات تركية.
ويسري ذلك على كافة السلع المنتجة محليًا من خضراوات وفواكه وألبان وأجبان ولحوم ودواجن وبعض الحبوب كالحنطة والشعير..إلخ، حيث استغل التجارُ والمنتجون على المستوى الفردي هذا الواقع.
وعن أسباب الاستغلال المُمارس، قال (جلل): “أخذ التجار دور مكاتب الصرافة بهدف المزيد من الربح، فيربحون بسعر التصريف وبسعر السلعة، فضلاً عن ارتفاع قيمة الليترين السورية والتركية أمام الدولار وعدم خفض الباعة للأسعار خوفًا من هبوط مفاجئ.”
وعن رأيه بتفضيل عملة عن أخرى قال (أحمد جلل): “بالنسبة إلي أفضل إلغاء التعامل نهائيًا بالليرة السورية، وذلك لعدة أسباب: أولاً التعامل بها يساعد على عملية تهريب الدولار إلى مناطق النظام، ويساعده جزئيًا في مقاومة عقوبات قانون قيصر الذي بالأساس يخدم قضية معتقلي الثورة السورية، ثانيًا يؤدي التعامل بعملات مستقرة إلى استقرار في سعر السلعة بالمقابل ويخف التلاعب والاستغلال”.
وعن مدى الاستغلال في الربح بسبب الفرق بين العملات، وكيف يؤثر ذلك على المواطن، التقينا الباحث الاقتصادي (خالد تركاوي)، حيث أكد أن “الفرق بين الليرة السورية والتركية لا شك أنه مصدر للربح الإضافي، أي أنه فوق ربح السلعة، ممكن أن يكون هناك ربح من سعر الصرف لكن في الوقت نفسه قد يشكل خسائر، فالسعر ليس ثابتًا والتاجر لديه مخاطر دائمًا تأتي من هذا الجانب.” وأضاف: “لا شك أن أسعار السلع تصبح أعلى في هذا الإطار، وبالتالي المواطن يدفع فرق السعر وثمن السلعة”.
وحول كيفية معالجة هذه المشكلة والحلول المقترحة قال (تركاوي): “المشكلة الحقيقية في الشمال السوري هي أن التجارة محصورة بيد أشخاص محددين وليست مفتوحة للجميع، والحل البسيط هو التنوع ودخول تجار جدد ورؤوس أموال”.
يفضل أغلب قاطني الشمال السوري تداول الليرة التركية، إلا أن التجار وأرباب العمل لا يراعون الظروف الصعبة التي يمرُّ بها الناس خاصة بعد التهجير الأخير، ويبقى المواطن السوري ضحية الحرب وتبعاتها من جهة، واستغلال التجار من جهة أخرى.